للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه خلاصة ما يقال في هذا المثل الرائع، وتلك الحكمة المباركة، وهو مثل يعطي صورة بيانية رائعة لمحكم القول.

وقد أسهب الزمخشري في بيان الاستعارة حتى قال الناصر أحمد بن المنير الذي يتعقبه بالنقد اللائم: قال أحمد: " وهذا الفصل من كلامه يستحق أن يكتبوه بذوب التبر، لَا بالحبر ".

وقد ذكر ابن كثير أن المثل ينطبق على أهل مكة، قد كانوا يعيشون آمنين في رغد، ولكنهم اضطهدوا المؤمنين وآذوهم واستعصوا على رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فنزل بهم البلاء، وحق فيهم قول اللَّه تعالى: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّه كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ)، ودعا عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: " اللهم اشدد وطئك على مضر، واجعلها عليهم سنين كسني يوسف " (١)، وقد أصابهم الجوع الشديد - دع عنك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قد سد عليهم مسالك تجارتهم حتى أحسوا بنعمة اللَّه عليهم، وذلك كله بين اللَّه بسببه بقوله تعالت كلماته: (بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ)، أي بسبب الذي كانوا يصمنعونه من شرك وصد عن سبيل الله تعالى، ولعنتهم للمؤمنين، وحملهم على الردة بعد إيمان.

وإنهم مع هذه الحال أرسل إليهم رسولا من أنفسهم فكذبوه، وقد قال تعالى في ذلك:


(١) صحيح البخاري: الأذان - يهوي بالتكبير حين يسجد (؛٧٦)، ومسلم: الجهاد والسير - الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة (٢٧١٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>