للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثالثا: أن الآية مكية، وقد أجاب عن ذلك بأن الكلام كان تبشيرا بما سيكون يوم بدر، ونقول: إن الالفاظ لَا تساعده، ولا تومئ إليه، والقرآن كتاب عربي مبين.

ولذلك نرى أن اللَّه أحاط بالناس، وأنهم في قبضته، وأنه قادر على كل شيء، وعاصم نبيه منهم، وحافظه حتى يؤدي رسالة ربه تعالى.

ولكن ما هي الرؤيا؟ قال أهل اللغة: الرؤيا تستعمل في الرؤية البصرية في اليقظة، والرؤيا المنامية في النوم، ويصح أن يراد بها هنا البصرية في اليقظة، وهي الإسراء، " فقد أسرى به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ".

وقد كانت فتنة للناس؛ لأن من أهل مكة من ذهب به الاستغراب والدهشة إلى حد الردة بعد الإيمان، أو على الأقل الشك بعد اليقين، ويصح أن يراد الرؤيا التي تكون بالروح، وهي ما كان بالعروج إلى الملأ الأعلى على ما اخترنا واتبعنا فيه كثرة من السلف الصالح.

ونلاحظ هنا أن المشركين كانوا يطالبون بآيات كآيات عيسى وموسى، فلما جاءتهم كفروا، فلما جاءتهم في انشقاق القمر، قالوا سحر مستمر ولما جاءتهم في الإسراء كفروا فصدق فيهم قول اللَّه تعالى: (وَلَوْ جَاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الأَلِيمَ)؛ لأنهم طبع على قلوبهم فلا يفقهون، هذا ما نراه، ولا مانع من أن نذكر أمرا يتعلق بتاريخ الإسلام، وإن كنا لَا نرى ذلك في هذه الآية، وربما نراه في غيرها.

لقد قال سهل بن سعد: إنما هذه الرؤيا هي أن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - كان يرى بني أمية ينزون على منبره نزو القردة فاغتم لذلك، وما استجمع ضاحكا من يومئذ حتى مات رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - (١). وإن ذلك يؤيده التاريخ، فقد صيروا الحكم ملكا


(١) رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير مُصعب بن عبد الله بن الزُّبير، وهو ثقة، كما رواه اليهقى في الدلائل، وابن عساكر. كنز العمال (٣١٧٦٣) - ج ١/ ٢٢٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>