للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عضوضا، وذهبت الشورى، وقد قال الحسن البصري في شأن بيعة معاوية (وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ).

قال تعالى: (وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ فِي الْقُرْآنِ) وذلك لسوء مذاقها، وقبح مكانها، وأنها تخرج من أصل الجحيم، فليس معنى لعنها أنها مطرودة كما يطرد العصاة المسئولون، لأنها لَا توصف بالعصيان والمسئولية، وإنما هي مذمومة، فيقال للطعام القبيح المذاق ملعون، وهي معطوفة على قوله تعالى: (وَمَا جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْنَاكَ إِلَّا فِتْنَةً لِّلنَّاسِ) فهي فتنة لهم كما أن الرؤيا كانت فتنة لهم، وقال تعالى مشيرا إلى أنها فتنة: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ (٦٢) إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ (٦٣) إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ (٦٤) طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ (٦٥).

وإنها كانت فتنة لهم، لأنهم بدل أن يعتبروا بما فيها من إرهاب، وإفزاع فتنوا بالألفاظ، فقالوا: إنها تخرج في أصل الجحيم، ونار الجحيم تأكل الحجارة فكيف تنبت فيها الأشجار، وأخذوا مفتونين يرددون هذا القول كأنهم أخذوا على القرآن أمرا مختلفا، فكانت هي الأخرى فتنة لهم، والضال لَا يتجه إلى الحق اتجاها مستقيما، فهو يتعرج به في المعارج من غير اتجاه إلى صراط مستقيم.

وقد ذكر الزمخشري أن النار ربما لَا تحرق في طبائع الأشياء، فقال: " قالوا إن محمدا يزعم أن الجحيم تأكل الحجارة ثم يقول ينبت فيها الشجر، وما قدر اللَّه حق قدره من قال ذلك، وأنكروا أن يجعل اللَّه الشجرة من جنس لَا تأكله النار فهذا وبر السمندل، وهو دويبة ببلاد الترك تتخذ منه مناديل إذا اتسخت طرحت في النار، فيذهب الوسخ ويبقى سالما لَا تعمل فيه النار، وترى النعامة تبتلع الجمر، وقطع الحديد المحمر كالجمر بإحماء النار فلا تضرها، ثم أقرب من ذلك أنه خلق في كل شجرة نارا فلا تحرقها ".

وقد قرب الزمخشري وجود شجر ينبت أصلها بالجحيم بالواقع المشاهد، ولكن تقرر أن قدرة اللَّه تعالى فوق ما يتصور المشركون، وكل شيء عنده بمقدار،

<<  <  ج: ص:  >  >>