للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

للتعليل، أي أقم الصلاة لأجل دخول وقت دلوك الشمس إلى غسق الليل. . . . ولهذا يقول علماء الأصول: إن الوقت سبب وجوب الصلاة، من حيث إن الصلاة لا تجب إلا بدخوله.

وإقامة الصلاة التي هي مصدر أقام، و (أَقِمِ) معناها أداؤها مقومة مستقيمة مستوفية الأركان الظاهرة، من قيام وركوع وسجود وقراءة ودعاء وأركانها الباطنة من خشوع واستحضار لمعانيها، ومعاني قراءتها وأدعيتها حتى تكون كلها ذكرًا للَّه تعالى، وهو لب معناها.

و (دلوك الشمس) معناه ميلا من وقت زوالها، وكونها في كبد السماء إلى غسق الليل، وبهذا تشمل الآيات الأوقات كلها؛ لأنها شملت الظهر والعصر والمغرب والعشاء في غسق الليل، والفجر في قوله تعالى: (وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا).

وفسر بعض الصحابة الدلوك بالغروب لأنه نهاية ميل الشمس؛ إذ تختفي.

ومن فسر الدلوك بميلها في الزوال، فسرها بابتدائه، وقال الماوردي: من جعل الدلوك اسما لغروبها، فلأن الإنسان يدلك عينيه براحتيه لتبينها حالة الغروب، ومن جعله اسما لزوالها فلأنه يدلك عينيه لشدة شعاعها.

ونرى أن تفسير الدلوك بميلها، وقت الزوال هو الأوضح؛ لأن الآية بهذا التفسير تشمل كل أوقات الصلاة، ولأن (دَلَك) معناها (مال). جاء في تفسير البيضاوي ما نصه: " وأصل التركيب للانتقال، ومنه الدلك فإن الدالك لَا تستقر يده وكذا كل ما تركب من الدال واللام كدلج، ودَلَحَ، ودلع، ودلف ".

وقوله تعالى: (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)، أي ميلها من الزوال شيئا فشيئا، فيكون الظهر ثم يشتد الميل فيكون العصر، واتساع الميل علامته طول كل الأشياء، ويكون العصر، ثم تغيب وينقطع الميل فيكون المغرب وتختفي الشمس وآثارها، فيكون غسق الليل وهو اجتماع ظلمته، وذهاب كل شفق ينير، فيكون

<<  <  ج: ص:  >  >>