للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ) وسمى القرآن المتبعين لمحمد - صلى الله عليه وسلم - كما قال تعالى: (إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ. . .).

قوله تعالى: (لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ) " اللام " وما بعدها متعلق بقوله تعالى، (وَجَاهِدُوا)، والمعنى جاهدوا لأجل أن يكون الرسول شهيدا عليكم بأنكم بلغتم وأديتم الأمانة التي أودعها اللَّه ونبيه إياكم، فيشهد الرسول بأنكم أديتموها حق أدائها، ورعيتموها حق رعايتها، وإن رسالة نبيكم والقرآن فيهما شهادة للأنبياء أجمعين ومعجزاتهم، ومن أطاعوا ومن كفروا، وأنتم بهذا تكونون شهداء بأن بلغتم لهم رسالات اللَّه مؤيدة بمعجزاتها، وأن منهم من آمن ومنهم من كفر.

ولان لهم هذه المنزلة، ومقامهم من رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - والرسائل السابقة أمرهم بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، فقال تعالت كلماته: (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ)، " الفاء " للإفصاح عن شرط مقدر تقديره إذا كانت لكم هذه المكانة، فادرعوا بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والاعتصام باللَّه فأمرهم بإقامة الصلاة وقال: (فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ) ائتوا بها مقومة خالصة لوجه اللَّه تعالى بأركانها من ركوع وسجود وقعود خاشعين للَّه مستحضرين لذاته العلية، إذا ذكرتموه وإذ كبرتم، (وَآتُوا الزَّكآةَ)، وقد جمع سبحانه بذلك بين التهذيب الروحي بالصلاة، والتعاون الاجتماعي بالزكاة، ثم أمر بالاتفاق على طاعة اللَّه تعالى فقال:

(وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ) الاعضصام الاستمساك، فمعنى الاعتصام باللَّه الاستمساك به، بأن يكونوا مستمسكين بأوامره ونواهيه، ومستمسكين بذاته العلية لَا يفكرون إلا فيه، ولا يبتغون غيره، ويلتفون حول شريعته غير منفصلين عنه، وهو نعم المولى ونعم النصير، ولذا ختم السورة بقوله: (فَنِعْمَ الْمَوْلَى) الذي تكون له ولاية المؤمن لَا يوالي غيره ولا يواد من يحادّ اللَّه ورسوله، (وَنِعْمَ النَّصِيرُ) الناصر، فلا ناصر في الشدائد، ولا منجي سواه.

* * *

<<  <  ج: ص:  >  >>