للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الظاهرية وبعض الفقهاء إن الأمر هنا (فَكَاتِبُوهُمْ) للوجوب بمقتضى ظاهر الأمر، أي إن الأمر هنا للوجوب بمقتضى ظاهر اللفظ.

وإنه من الواجب أو المندوب أن يؤتيهم القادرون ما يستعينون به على فك رقابهم، ولذا قال تعالى: (وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ) أعطوهم من المال الذي أعطاكم الله تعالى، ونسبة المال إلى الله تعالى فيه حث على الإعطاء؛ لأنه بمال الله الذي جعلكم مستخلفين فيه، فكان حقا عليكم بمقتضى هذا الاستخلاف أن تعطوه لعيال الله تعالى، وهم الفقراء الأرقاء الذين يحتاجون ليفكوا رقبتهم، وقد أوجب الله تعالى ذلك فجعله مصرفا من مصارف الزكاة، وهو يصرف في الرقاب في قوله تعالى: (إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ. . .).

وقال الفقهاء: إن سهم الرقاب ينفق في معاونة المكاتبين حتى يسدوا ما عليهم، وتسارع لهم الحرية.

وقد نهى سبحانه عن إكراه الإماء على البغاء، وهو طلب المرأة للزنى، وقد كان رأس النفاق عبد الله بن أبي ابن سلول عنده ست إماء كان يكرههن على البغاء ويأخذ أجورهن وهو سحت، لأن مهر البغايا سحت، وقد قال تعالى: (وَلا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا) الفتيات المراد بهن الإماء، وعبر عنهن بالفتيات لنقتدي بالقرآن، والنبي - صلى الله عليه وسلم - إذ يقول: " لا تقل عبدي وأمَتي بل قل فتاي وفتاتي " (١)

وللحض على عدم إكراههن على البغاء لأنهن فتياته، فلا يسوغ إكراههن؛ ولأن التعبير بالفتاة فيه إيماء إلى صغرهن، وأنه مرغوب فيهن مبغي طلبهن ولسن عجائز يرغب عنهن، وقوله تعالى: (إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا)، مبالغة في اللوم والتأثيم، والتحصن إرادة حصن العفة يتحصنَّ به، ولا يجعلن أنفسهن متاعا يستفرشه الرجال في حرام.


(١) رواه بنحو من هذا مسلم: الألفاظ من الأدب وغيرها - حكم إطلاق لفظ العبد على المولى (٤١٧٧)، والبخاري: العتق (٢٣٦٦) من رواية أبي هريرة رضي الله عنه.

<<  <  ج: ص:  >  >>