للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قنديل الزيت، وهي صافية صفاء واضحا، ومتلألئة، وكأنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ، و (دُرِّيٌّ)، كالكواكب الدرية المزهرة المنيرة، و (دُرِّيٌّ) نسبة للدر المتألق، وذلك إذا قرئت بضم الدال، وتقرأ بكسرها دِرِّي، وتكون على وزن فعّيل وهي من الدر قلبت الهمزة ياء، وذلك الإعلال كثير في اللغة العربية، وأدغمت التاء في الياء لسكون إحداهما (١). والدرء: الدفع، ويكون معناها أنها تدفع الظلام، وقوله تعالى: (يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ) الضمير في يوقد يعود على (كَوْكَبٌ) المشبه به في الآية، وهذا على قراءة الياء، وعلى قراءة التاء يعود الضمير إلى زجاجة، وهي المتحدث عنه.

(مِن شجَرَةٍ) " من " للابتداء، أي مصدر الوقود شجرة مباركة، وهذه الشجرة هي شجرة الزيتون، والوقود من زيتها فهو منها، على هذا المعنى، وقد قال تعالى في هذه الشجرة على أنها من نعم الله تعالى: (وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ)، وكانت الشجرة مباركة، وكما قال الزمخشري وصفها سبعون نبيا بأنها مباركة، وحسبها وصف القرآن، وصفها القرآن بأنها مباركة هنا وفي سورة " المؤمنون "، وإذا كانت سورة " المؤمنون " مكية، وسورة " النور " مدنية، فقد أجمع القرآن المكي والمدني على أنها مباركة، وبركتها في أنها ذات منافع كثيرة، يكون منها الوقود المضيء، وهو دهن يكون طعاما طيبا، وهو يدخل في أدوية الجلد الطبية، وترابه إذا حرق يكون كحلا للعيون ولا يضرها، وهو إدام، والزيتون نفسه للطعام، وهو الصبغ الذي قال الله فيها: (وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ).

وقال عز من قائل: في وصف هذه الشجرة المباركة (زيتونة) وهذا بدل من (مباركة)، وهو إيضاح بعد إبهام فيكون فيه بيان مؤكد، وقد وصفها سبحانه بقوله: (لَا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ)، أي أنها في وسط الأرض لَا ينقطع عنها ضوء الشمس، إذ الشرقية ينقطع عنها الضوء في المساء، والغربية ينقطع عنها الضوء في الصباح، فهي لا تستر عنها الشمس في المساء أو الصباح، وهذا يساعد على نموها ونمو ثمارها.


(١) قرأها بكسر الدال وتشديد الياء، من غير مد ولا همز: المفضل عن عاصم. وقد شذت هذه القراءة فلا يقرأ بها اليوم، وقرأها بضم الدال وبالمد والهمز: حمزة وأبو بكر، وقرأ الباقون بضم الدال وياء مشددة، من غير مد ولا همز. غاية الاختصار: ٢/ ٥٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>