للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ووصف سبحانه وتعالى زيتها بالصفاء فقال تعالى: (يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ولوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ) فهو صاف لَا عكرة فيه، ومشرق لَا دكنة فيه.

(نُّورٌ عَلَى نُورٍ)، أي أنه نور يجيء على نور، فنور المشكاة التي تدخل الحجرة نورها فيضيء، ونور المصباح، ونور الزجاجة، التي هي كالكوكب الدري، ونور الزيت الذي يكاد لصفائه يضيء.

وكل هذا وصف لنور الله الهادي المرشد، فإنه يغمر القلوب التي تفتح له بالهداية، وأما الذين حقت عليهم الضلالة فإنهم لَا يهتدون، وسدت القلوب عن أن يصل النور إليها.

ولذا قال تعالى: (يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَاءُ) وهو من سلك طريق الهداية، وأبعد عن نفسه الغواية، التي يوسوس بها الشيطان، ويحاول جاهدا أن يغوي عباد الله، (وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ)، يبين سبحانه وتعالى الأشباه والنظائر والغايات والنتائج ليهتدوا، (وَاللَّهُ بَكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)، أي بكل شيء عليم، يعلم المهتدين وطريق هدايتهم، ويعلم الضالين وعاقبة ضلالهم، فهذه الجملة فيها تبشير للمؤمنين المهتدين، وإنذار للضالين الذين أغواهم الشيطان.

وقبل أن نترك الكلام في معاني هذه الآية لابد من ذكر إشارة بيانية، هي أن الله تعالى ذكر (مِصْبَاحٌ) منكرة ثم ذكرها من بعد ذلك معرفة، فيكون المبهم والمعرف واحدا، والذكر بالإبهام تم التعريف فيه بيان بعد إبهام، وفي ذلك فضل بيان وتأكيد، وكذلك بالنسبة لزجاجة فقد ذكرت نكرة، ثم ذكرت معرفة، وذلك فيه أيضا بيان وتأكيد للبيان، وقد بين سبحانه بعد ذلك مكان النور الرباني، فيكون أشد ما يكون في المساجد، فقال تعالى: (فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ (٣٦) رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ (٣٧)

<<  <  ج: ص:  >  >>