بين الله سبحانه وتمالي في الأيات السابقة بعض العبادات التي تطهر النفوس وتزكي القلوب، وتحمي الجماعات وتوجهها نحو الخير العميم؛ فذكر الصدقات ثم ذكر الصوم، ثم ذكر الحج الذي تتلاقى فيه القلوب وتلتقي فيه وفود الجماعات الإسلامية من كل فج عميق في الساحة الربانية؛ وقد ذكر في طيِّ الكلام أصناف الناس في أدعيتهم التي تكشف عن خبايا قلوبهم، وأن منهم من يطلب الدنيا، ولا غاية له وراءها، ومنهم من يقول:(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
والعبادات أيا كان نوعها دواء الجماعة وبلسم القلوب الشافي، وبعد أن ذكر الله سبحانه وتعالى ذلك الدواء الناجع ذكر سبحانه داء الجماعات المستحكم، ومرضها الممض، وهو النفاق، وخلابة اللسان مع فساد القلب والمظهر الحسن مع القصد السيئ، ومحاولة اجتذاب الناس بالقول المعسول مع فعله المرذول حتى إذا نال ثقتهم ملأ الدنيا بالشر، وظهر الفساد في البر والبحر.