الوجود، فجعل الشر بجوار الخير، وجعل المعركة قائمة بينهما ليكون للمهتدى ثواب الهداية إذا قصد إليها، وعلى الضال إثم ضلاله؛ وإن الاعتراك بين الخير والشر يصقل أهل الحق، ويزكي نفوسهم. وفقنا الله إلى الحق. ومن الدعاء المأثور: اللهم أرنا الحق حقًّا، وارزقنا اتِّباعه، وأرنا الباطل باطلا، وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله متلبسًا علينا فنضل، واجعلنا للمتقين إماما.
بين الله سبحانه وتعالى في الآية السابقة أن الناس جميعًا قد فطروا على فطرة واحدة، وأن من هذا الاتحاد كان الافتراق والاختلاف، ولقد ألهم الله كل نفس فجورها وتقواها؛ وخلق الناس مستعدين للخير وللشر، وللطاعة والعصيان؛ فكان منهم من غلبت عليه شقوته فاتجه نحو الشر، ومنهم من عمَّته رحمة الله فاهتدى إلى الخير؛ فكان من الناس الأخيار والأشرار؛ وكان هذا من مقتضى الاستعداد للأمرين بمقتضى الفطرة التي فطر الناس عليها وكانوا فيها على سواء.