للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: إن لي ستة، قال: " أنفقها في سبيل الله تعالى " (١). وروي عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " تصدقوا "، فقال رجل: عندي دينار. قال: " تصدق به على نفسك " قال: عندي دينار آخر، قال: " تصدق به على زوجك " قال: عندي دينار آخر، قال: " تصدق به على ولدك "، قال: عندي دينار آخر، قال: " تصدق به على خادمك " قال: عندي دينار آخر، قال: " أنت أبصر " (٢).

فهذه الآثار تبين أن الترتيب في الذكر هنا يفيد الأولوية في العطاء إن ضاق الخير عن أن يشمل الأنواع كلها، وقد ذكر سبحانه الوالدين والأقربين من غير ذكر ما يدل على الحاجة، وذكر بقية الأصناف مع ذكر بقية الأوصاف الدالة على الحاجة؛ لأن الوالدين والأقربين يجب رعايتهم والإحسان إليهم، وإن لم تكن فيهم حاجة شديدة؛ فإن كانوا في حاجة شديدة فالإنفاق ألزم. ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " أمك وأباك، وأختك وأخاك، ثم أدناك أدناك " (٣)، ولقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " من أراد منكم أن يبارَك له في رزقه، وينسَأ له في أجله فليْصِلْ رحمه " (٤). والبر بذي الرحم مطلوب في القطيعة أشد منه عند المودة؛ فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: " أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح " (٥)


(١) ذكر ذلك عن عطاء الرازي في تفسيره: البقرة (٢١٥) وجاءت الرواية في البحر المحيط، وفي آخرها: " أنفقهما في سبيل الله، وهو أحسنها "، وذُكرت في ضعفاء الكامل عن جابر قال: قال رجل: يا رسول الله عندي دينار. قال: أنفقه على نفسك ". قال: عندي آخر. قال: " أنفقه على زوجتك ". قال: عندي آخر. قال: " أنفقه على ولدك أو خادمك " - شك الوليد - قال: عندي آخر. قال: " اجعله في سبيل الله وهو أحسنها موضعا ". وروي عن جابر أيضا: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأنا جالس عنده فقال: يا رسول الله عندي دينار، فقال: " أنفقه على نفسك ". قال: يا رسول الله عندي آخر. فقال: " أنفقه على زوجتك ". قال: يا رسول الله عندي الثالث. قال: " أنفقه على خادمك إن كانت لك ". قال: يا رسول الله عندي الرابع والذي أكرمك ما عندي غيره، قال: " فاجعله في سبيل الله عز وجل وهو أدناها أجرا ".
(٢) رواه النسائي في الزكاة (٢٤٨٨)، وأبو داود (١٤٤١)، وأحمد (٧١١٢) عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(٣) رواه النسائي: كتاب الزكاة (٣٤٨٥) عن طارق المحاربي، وأبو داود: بر الوالدين (٤٤٧٤) عن كُلَيْب بْنِ مَنْفَعَةَ، وأحمد عن أبي رمثة رفاعة بن يثربي (٦٨٠٨).
(٤) سبق تخريجه.
(٥) رواه أحمد: مسند المكيين (٤٧٨١ ١)، والدارمي: الزكاة (١٦١٧) عن حكيم بن حزام رضي الله عنه.
والكاشح: الذي يطوي العداوة في باطنه ولا يظهرها.

<<  <  ج: ص:  >  >>