للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد نزل في الخمر أربع آيات من القرآن الكريم

أولها: (وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (٦٧).

والثانية: (يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ).

والثالثة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتمْ سُكَارَى. . .).

والرابعة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٩٠).

ولقد اتفق العلماء على أن الآية الأولى أول ما نزل في القرآن خاصا بالخمر، مشيرا إليها، لأنها نزلت بمكة، إذ إنها من سورة النحل وهي مكية. وقد اتفقوا أيضا على أن آية المائدة وهي الرابعة آخر آية نزلت في الخمر، لأنها القاطعة في التحريم؛ ولذا قال عمر عندما سمع قوله تعالى في آية المائدة: (فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ)،: انتهينا، وشفى ذلك ما في نفس الفاروق من الخمر. والأكثرون على أن قوله تعالى: (يَسْألُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ) سبقت في النزول آية: (يَا أَيهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى. . .)، ولكن يميل بعض المتأخرين (١) إلى أن آية (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى) مقدمة على آية (يَسْألُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ) لأن هذه فيها إشارة إلى التحريم المطلق لأنه من المقررات الشرعية أنه إذا كان الضرر أكبر من النفع، فإن الحكم هو التحريم، وكذلك كل المحرمات ضررها أكبر من نفعها، ولا يكاد يوجد أمر يكون ضارا ضررا محضا، إذ إنه ما من ضار إلا فيه نفع، وما من شر إلا كان فيه بعض الخير، وما من نفع إلا تأشب به بعض الضرر، والعبرة في التحريم بالغالب فإن غلب النفع كانت الإباحة، وإن غلب الضرر كان التحريم، فإذا كانت آية (يَسْألُونَكَ عَن الْخَمْرِ) قد صرحت بعلة التحريم فقد أومأت إلى التحريم المطلق، أما آية (لا تَقْرَبَوا الصَّلاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى) فهي لم تصرح بالتحريم المطلق،


(١) قال الشيخ رحمه الله: ذكر ذلك الأستاذ الشيخ محمد عبده والسيد رشيد رضا رضي الله عنهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>