للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولقد جاءت النصوص الصريحة بتحريم كل قمار، وقد ورد أن رجلا قال: إن أكلت كذا وكذا بيضة فلك كذا، فارتفعا إلى عَليّ فقال: ذلك قمار!.

والميسر مضاره كثيرة، فهو يؤدي إلى إتلاف المال وإهمال الأعمال، وهو أكل لمال الناس بالباطل، ويفسد الأخلاق، وقد يترتب عليه خراب البيوت، وهو فوق ذلك يصد عن ذكر الله وعن الصلاة ويورث العداوة والبغضاء، كما قال تعالى: (إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يوقِعَ بَيْنَكمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنتُم مُنتَهُونَ).

ومنافع الميسر ضئيلة أيضا بجوار مضاره، ومنها إعطاء الفقراء، كما يرى فيما تصنع جماعات الإحسان، وأن الحكومات التي تعنى بتربية شعوبها وتهذيب نفوسهم تحارب انتشار القمار، وتقطع السبل المؤدية إليه، ولو كانت تبيحه في النوادي الخاصة فبعض الأمم الأوربية يحرم قانونها بيع أوراق اليانصيب، ولو كانت للبر؛ لأنها تربي في الشعب روح المقامرة، مع أن هذه الأمم تبيح فتح النوادي للقمار، فهي لَا تمنع فتحها للحرية الشخصية في زعمها، ولكنها تمنع ما يبعث في الشعب روح المقامرة.

ويلاحظ في الكلمات السامية: (قلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كبِير وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ) أنه أطلق الإثم ولم يضفه فلم يقل إثم على الناس أو للناس، وقيد المنافع بأنها للناس، وهذا يدل على أن الإثم في الخمر والميسر ذاتي، فهما في ذاتهما رجس كبير، وخطر وبيل، وأن ما فيهما من منافع فهي ضئيلة وهي بالنسبة لبعض الناس، فهي منافع إضافية، لَا منافع ذاتية، فجوهر الخمر والميسر شر لَا خير فيه، وما يكون من نفع فيهما في بعض الملابسات، كما يلاحظ في بيع الأوراق لتمويل بعض جماعات البر، فليس ذلك لأن في الميسر خيرا أو نفعا، بل لأن النفوس فسدت، وشحت بالخير، فلا تجود إلا من هذا الطريق الفاسد، فما فيه من نفع إضافي سببه فساد الناس، وهو نفع ضئيل للناس ومشتق من أحوالهم.

وأما السؤال الثاني فقد جاء في قوله تعالى:

<<  <  ج: ص:  >  >>