للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

القرآن، وليس لنا إلا الإيمان. ولقد ذكر بعض العلماء منافع ظاهرية لها، منها أنها وقاية أحيانا من بعض جراثيم الأمراض بما فيها من كحول، ومنها أنها قد تثير النخوة، ومنها أنها تسلي، ومنها أنها تسخي البخيل أحيانا، وأن ما يكنف هذه الأمور التي يكون ظاهرها نفعا من أضرار يجعل النفع لَا جدوى فيه، بل يكون الضرر في هذه الأحوال نفسها أكثر من النفع.

هذه الخمر، أما الميسر، فهو قمار العرب، ويطلق على كل قمار اسم الميسر، فكل ما يتخاطر فيه الناس من معاملة فيها خطر الكسب الطلق أو الخسارة المطلقة يعد ميسرا أو قمارا، وأصل اشتقاق كلمة ميسر إما من الميسر بمعنى السهولة؛ لأن المال يجيء للكاسب عفوا من غير جهد، وإما من يسر بمعنى وجب؛ لأن اللاعب إذا آل إليه الكسب يصير واجبا، وإما من يسر بمعنى جزأ، وقد اختار ذلك الأزهري، فقال: " الميسر: الجزور الذي كانوا يتقامرون عليه، سمي ميسرا، لأنه يجزأ، فكأنه موضع التجزئة، وكل شيء جزأته فقد يسرته، والياسر الجزار، لأنه يجزئ لحم الجزور. . وهذا الأصل في الياسر، ثم قيل للضاربين بالقداح والمتقامرين على الجزور ياسرون؛ لأنهم جازرون إذ كانوا سببا لذلك).

هذا هو الأصل في استعمال كلمة ميسر، وقد أطلقت على كل قمار، وقمار العرب الذي أطلقوا عليه كلمة ميسر هو أنهم كانوا يقسمون البعير المذبوح إلى ثمانية وعشرين قسما، ويوضع عشرة أقداح، ثلاثة منها غفل لَا علامة عليها تسمى: السفيح، والمنيح، والوغد، ومن طلع له واحد منها لَا يأخذ شيئا، وقد تزاد الغفل على هذا العدد، أما السبعة الأخرى فهي الكاسبة وهي: الفذ وله سهم واحد، والتوأم وله سهمان، والرقيب وله ثلاثة، والحلس وله أربعة، والنافس وله خمسة، والمسل وله ستة، والمعلى وله سبعة، والمجموع ثمانية وعشرون.

ولا شك أن هذا من قبيل ما نسميه اليوم (ورق اليانصيب)، وقد كانت عادة العرب أن يفعلوا ذلك عند اشتداد الضائقة ليتبرعوا بنتائج الكسب على الفقراء، وما أشد الشبه بين هذا وبين عمل الجماعات التي تجمع التبرعات بهذه الطريقة!.

<<  <  ج: ص:  >  >>