للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقوال الأطباء في أنها لَا تصلح شفاء وإن كانت تقي في حالات قليلة من بعض أمراض لَا خطر فيها، وبهذا يصح الأثر عن السلف: " لا دواء في محرم "، ولقد روى مسلم أن طارق بن سويد سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الخمر فنهاه، أو كره أن يصنعها، فقال: إني أصنعها للدواء، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " إنه ليس بدواء ولكنه داء " (١) فما أصدق الرسول - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه المبلغ عن ربه، وكفى ذلك تصديقا.

وليست أضرار الخمر الجسمية والعقلية مقصورة على المتناول، بل إنها تنتقل إلى ذريته من بعده، إذ يكون النسل ضعيفا ضاويا، في جسمه وعقله، حتى يكون أقرب إلى الجنون، وأشد استعدادا له، فإن تناولها يجعل السكير ضعيف العقل، إذ تضعف قواه العقلية شيئا فشيئا حتى يصير كالأبله، وينتقل ذلك إلى ورثته. ولقد قال بنتام في كتاب " أصول الشرائع " ما نصه: (النبيذ في الأقاليم الشمالية يجعل الإنسان كالأبله، وفي الأقاليم الجنوبية يصير كالمجنون، وقد حرمت ديانة محمد - صلى الله عليه وسلم - جميع المشروبات، وهذه من محاسنها) (٢).

ولقد علم الأوربيون مضار الخمر علما يقينا، ووجدوا أن الإكثار منها بين أمم أفريقيا والشرق قد يبيدها، أو يفسد العناصر الصالحة فيها؛ ولذا جاء في كتاب " الإسلام خواطر وسوانح " في عجز المدنية الأوربية عن إبادة المسلمين: (إن المسكرات التي استعملها بعض الفاتحين لَا تؤثر في أهالي الجزائر لكونهم يمقتونها مقتا شديدا) (٣).

ولكن المسلمين قد أصبح قادة الفكر فيهم لَا يمقتونها اليوم، فهل فتحت أبواب الفناء، وزالت حواجز البقاء؛ اللهم أصلح الأحوال، وقوِّ العزائم، وهيئ لنا من أمرنا رشدا!.

هذه بعض آثار الخمر، فما منافعها؟ والله العلي القدير لولا أن القرآن الكريم ذكر أن فيها منافع للناس ما ظننت أن فيها نفعا ولو بطريق الشبهة، ولكن هكذا قال


(١) أخرجه مسلم: كتاب الأشربة (٣٦٧٠)، والترمذي: الطب (١٩٦٩)، وأبو داود (٣٣٥٧)، وأحمد: مسند الكوفيين (١٨٠٣٦).
(٢) ترجمة فتحي زغلول باشا.
(٣) ترجمة فتحي زغلول باشا.

<<  <  ج: ص:  >  >>