أولهما - أن يفسر " القرء " بالأطهار؛ لأنها التي بها تتحقق الانتقالات الثلاثة، ولا يفسر بالحيضات، لأن بها تتحقق انتقالات أربعة لَا ثلاثة.
الأمر الثاني: أنه يحتسب من الأطهار الثلاثة الطهر الذي حصلت فيه الطلقة.
وفى الحق أننا بعد ذلك الاستدلال الطويل نميل إلى رأي عمر وعلي وابن مسعود، وهو رأي الحنفية، لأن الأساس في تقدير العدة بالاتفاق هو الحيض، سواء أفسرنا القرء بالطهر أم بالحيضة، لأن الطهر زمن بين حيضتين، والمناسب أن يكون الحيض هو وحدة التقدير، لأنه الأمر الإيجابي في المقام، والطهر أمر سلبي، ولأنه المناط المفرق بين الحامل وغير الحامل، والمفرق بين العدة بالأشهر، والعدة بالأقراء.
وقبل أن نترك هذا المقام نشير إلى أن قوله تعالى:(وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأنفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوء) خاص بالمعتدات من المطلقات ذوات الحيض غير الحوامل، أما غير المطلقات وهن المتوفى عنهنِ أزواجهن فقد بينت عدتهن بقوله تعالى:(وَالَّذِينَ يُتَوَفَوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يتَرَبَّصْنَ بِأنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا. . .).
وأما الحوامل فقد بينت عدتهن بقوله تعالى:(. . . وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ. . .).
ومن لَا يحضن ليأس من الحيض، أو لأنهن لم يرين الحيض، فقد ثبتت عدتهن بقوله تعالى:(وَاللَّائِي يَئسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ. . .).
(وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَن يَكْتمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ) أودع الله أحشاء المرأة أمانات ناط بها أحكاما، فكانت الأمينة على تلك الأحكام كما كانت الأمينة بمقتضى نظام الله في الكون، على الأنساب والأولاد، وبمقدار عظم الأمانة كان عظم التكليف؛ لذلك قرر سبحانه وتعالى أنه لَا يحل لهن أن يكتمن أمانة الله التي خلقها في أرحامهن من ولد لينسبنه إلى غير أبيه، فإن ذلك خيانة للأمانة وكذب على الله،