للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم فوق كل ذلك إن الذي يتفق مع معنى الجمع الذي هو في معنى القرء هو الحيض؛ لأنه دليل الامتلاء والاجتماع الكامل، فهو الفيض بعد أن امتلأ الإناء.

هذه حجج الحنفية والحنابلة الذين قرروا أن القرء هو الحيض في الآية: وأن العدة تقدر بالحيضات، لَا بالأطهار التي تتخللها.

أما الشافعية والمالكية ومن سلك مسلكهم، فقد قالوا في الأحاديث السابقة إنها إن صحت تكون دليلا على أن الحيض تطلق عليه كلمة قرء، ولا مشاحة في ذلك وليست دليلا على أنه المراد في الآية الكريمة، وأما قول عمر إن عدة الأمة حيضتان، فهو سير على رأيه في تفسير القرء بالحيضة، ولا يدفع رأي صحابي برأي صحابي مثله بل يختار أقواهما، والاستدلال بآية (وَاللائِي يئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ. . .)، لاينتج؛ لأن الأقراء إذا فسرت بالطهر لَا تكون إلا لذات الحيض، إذ هو فاصل بين حيضتين.

وقد استدل لهؤلاء الذين فسروا الأقراء بالأطهار بادلة من الكتاب والسنة واللغة والرأي:

أما الكتاب والسنة فقوله تعالى: (فَطَلِّقوهُنَّ لِعِدَّتِهِنٌ. . .)،

وقد وردت السنة بأن الطلاق لَا يكون في الحيض، ولا يتصور أن يكون الطلاق في العدة مع نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الطلاق في الحيض إلا إذا فسرنا القرء بالطهر لا بالحيض.

وأما استدلالهم باللغة والرأي، فلأن القرء معناه الجمع، يتم في الطهر لَا في الحيض؛ لأن الحيض، مؤداه أن يرخى الرحم فيخرج الدم، فهو تفريغ لَا جمع، والجمع في الطهر.

ولأن القرء معناه في اللغة الانتقال، فيكون المطلوب ثلاثة انتقالات، وهي الانتقال من الطهر إلى الحيض، ثم من الحيض إلى الطهر، ثم من الطهر إلى الحيض وبه تتم العدة، وذلك يقتضي أمرين:

<<  <  ج: ص:  >  >>