للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(أ) أن " النبي - صلى الله عليه وسلم - فسر القرء بمعنى الحيض، وذكر ذلك في عدة مواضع، فقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " دعي الصلاة أيام أقرائك " (١). ولا شك أن المراد في هذا الحديث الحيض؛ لأنه الذي تفسد الصلاة فيه، وأيضا فإن فاطمة بنت أبي حبيش [شكت] إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الدم فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: " إنما ذلك عرق، فانظري إذا أتى قرؤك؛ فلا تصلي، وإذا مر القرء فتطهري ثم صلي من القرء إلى القرء " (٢).

وفوق ذلك فقد قدر عمر على جمع من الصحابة ووافقوه ولم يعرف لهم مخالف عدة الأمة بالحيض دليلا على أنهم فهموا القرء حيضة؛ لأن عدة الأمة من جنس عدة الحرة، وإن كانت نصفها، فكان لابد أن يكون المراد من القرء من الآية الحيض في نظرهم.

(ب) وإن الدليل على أن المراد بالقرء في تقدير العدة هو الحيض لَا الطهر أن القرآن الكريم جعل الأساس في تقدير العدة بالأقراء كون المعتدة حائضا أو غير حائض، فكان الأساس هو الحيض، فقد قال تعالى: (وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِن نِّسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ. . .) وإذا كان الحيض هو الأساس في تقدير الأقراء، فلابد أن تكون الأقراء هي الحيضات.

(ج) وإن الغرض الأول من العدة لَا يتحقق إلا بالحيض؛ لأن الغرض براءة الرحم، وذلك لَا يتحقق إلا بالحيض، ولأن الحيض هو الأساس للطهر الذي يتخلل الحيضتين، فكأن الأنسب للسياق البياني أن تقدر العدة بالحيضات لَا بالأطهار التي تتخللها، وفوق هذا أننا لو قدرناها بالأطهار لكانت العدة دون الثلاثة إن احتسبنا الطهر الذي حصل فيه، وتكون أكثر من الثلاثة إن لم تحتسبه، وإن احتسبنا الأقراء بالحيضات كانت الأقراء ثلاثة ما دام هو طلاق السنة الذي لَا يكون إلا في طهر. وهو المفروض شرعا.


(١) رواه الدارقطني (٨٠٩) ج ١ ص ٢١. وجاء في البخاري: الوضوء (٣١٤) ومسلم الحيض (٥٠١).
(٢) رواه النسائي: الطهارة - باب ذكر الأقراء (٢١١). ورواه أبو داود: الطهارة (٢٤٢)، وابن ماجه (٦١٢)، وأحمد (٢٦٠٩٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>