للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد كانت مدة التربص بحكم القرآن الكريم هي ثلاثة قروء، والقروء جمع قرء، بضم القاف وفتحها، وقد اتفق علماء اللغة على أن كلمة القرء تطلق على الحيضة وعلى المرة من الطهر الذي يكون بين الحيضتين، وأصل معنى القرء بمعنى الجمع عند بعض علماء اللغة، ووافقهم الشافعي، ولكن خالف في ذلك أبو عمر ابن عبد البر، وقال: أن القرء مهموز لَا مقصور، والذي يكون بمعنى الجمع مأخوذ من قريت لَا من قرأت، ولكن علماء اللغة على غير ما قاله ابن عبد البر.

والقرء كما يطلق في أصل معناه على الجمع، يطلق على الانتقال والخروج من حال إلى حال، فيطلق على الانتقال من الحيض إلى الطهر، ومن الطهر إلى الحيض.

ويطلق القرء أيضا بمعنى الوقت، وهو المعنى الذي جرى فيه الاشتراك وهو وقت الطهر، أو وقت الحيض.

هذا هو الأصل اللغوي لكلمة " قُرْء "، وقد اتفق علماء اللغة على أنه يجوز إطلاقه على مدة الحيضة، وعلى مدة الطهر، ولكن اختلف مفسرو السلف في المراد بالقرء في الآية: أهو مدة الطهر بين الحيضتين، أم هو مدة الحيضة؟ فعمر وعلى وابن مسعود وأبو موسى الأشعري، ومجاهد وقتادة وعكرمة والسدي وغيرهم على أن المراد في الآية مدة الحيضة، وبهذا أخذ فقهاء العراق، وعلى رأسهم أبو حنيفة، ثم جاء على ذلك الرأي من بعد أحمد بن حنبل.

وقالت عائشة رضي الله عنها، وعبد الله بن عمر، وزيد بن ثابت، والزهري وغيرهم: إن المراد بالقرء مدة الطهر بين الحيضتين، وبهذا أخذ فقهاء الحجاز، وعلى رأسهم إمام دار الهجرة مالك رضي الله عنه، ثم جاء من بعده الشافعي، ونهج هذا المنهاج.

وقد حاول كل واحد من الفريقين المختلفين من الفقهاء، أن يلتمس من آي القرآن ومن السنة ما يؤيد مذهبه، ويوضح تفسيره، وقد استدل الحنفية والحنابلة في تفسير القرء بالحيضة بأدلة، منها:

<<  <  ج: ص:  >  >>