(وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا) في هذه الجملة السامية بيان لبعض المقاصد الشرعية التي أرادها الشارع الحكيم من شرعية العدة، وهو أن يكون لدى المطلق فرصة مراجعة نفسه، بعد أن تكون قد ذهبت عنه نوبة الألم التي أدت إلى الفراق، وقد تكون سحابة صيف تقشعت، وعارضا قد زال، وفي هذا بيان لعلاج الله سبحانه وتعالى لنفوس المطيقين، إذ جعل لهم وقت التربص من جانب المرأة، وقت تروية وتدبر من جانب الرجل، وفرصة لائحة لمن يريد الإصلاح من الأهل والعشيرة، وكل من يهمهم أمر الزوجين، وما كان بينهما من ثمرة لهذا الزواج، والبعولة هم الأزواج، قال فيه الزمخشري: إنه جمع بعل على وزن فعول، ولكن ألحقت به التاء، وجوز أن تكون مصدرا على وزن فعولة أريد به الجمع، أو يكون الكلام على حذف مضاف تقديره أهل بعولة.
وتسمية المطلق بعلا، بعد أن أوقع الطلاق فعلا، دليل على أن الطلاق الرجعي الذي تجوز فيه المراجعة لَا تنفصم به عُرَى الزوجية، بل تستمر قائمة، ويعتبر المطلق زوجا، وتعتبر المطلقة زوجا أيضا، وكذا يتوارثان إذا مات أحدهما والعدة قائمة.
وفي اعتبار كل مطلقة زوجة إذا كان الطلاق الأول أو الثاني وهي ذات عدة ما دام الطلاق من غير فداء بالمال - إشارة إلى أن الطلاق الأول والثاني رجعي دائما ما دام إلى عدة، ومن غير فداء، وهو مذهب الجمهور من الفقهاء، فقد قرروا أن ذلك حكم الشارع، وأنه لَا يسوغ للمطلق أن يجعل بائنا ما اعتبره الشارع رجعيا، وخالف في ذلك الحنفية وقالوا: إنه يسوغ للمطلق أن يجعل الطلاق بائنا ولو كان بعد الدخول ودون الثالثة ومن غير فداء، لأن الرجعة حقه فله أن يسقطها.
ولكن الجمهور يرون أن الشارع الذي أعطى الزوج حق الطلاق هو الذي قيد ذلك التقييد فالرجعة ليست حقا مطلقا للزوج ولكنها فرصة، وقيد في الطلاق، فلا يرفع القيد، ولا يزيل الرخصة التي رخصها الله سبحانه وتعالى له، ونظم بها أمر