الحقوق والواجبات، ولكي لَا يفهم أحد هذا المعنى قال الله سبحانه وتعالى:(وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) فالرجل ليس مساويا للمرأة، وليست المرأة مساوية الرجل؛ لأن قانون المساواة يوجب أولا تحقق المماثلة، ومن البداهة أنه لَا مماثلة بينهما، فهما وإن كانا من جنس واحد إلا أنهما نوعان متقابلان غير متماثلين، وإن كان كلاهما متمما للآخر، ومن ازدواجهما يتكامل النوع الإنساني، ويسير في مدارج الكمال.
وإذا كانت الأسرة لَا تتكون إلا من ازدواج هذين العنصرين، فلابد أن يشرف على تهذيب الأسرة، ويقوم على تربية ناشئتها وتوزيع الحقوق والواجبات فيها أحد العتصرين، وقد نظر الإسلام إلى هذا الأمر نظرة عادلة فوجد الرجل أملك لزمام نفسه، وأقدر على ضبط حسه، ووجده الذي أقام البيت بماله وأن انهياره خراب عليه، فجعل له الرياسة؛ ولذا قال سبحانه:(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ. . .).
هذه هي الدرجة التي جعلها الإسلام للرجل، وهي درجة تجعل له حقوقا، وتجعل عليه واجبات أكثر، فهي موائمة كل المواءمة لصدر النص الكريم فإذا كان للرجل فضل درجة، فعليه فضل واجب.
ويلاحظ أن الله سبحانه وتعالى قيد المماثلة بين حقوق المرأة وواجباتها بالمعروف، كما قيدها بما للرجال من درجة تضاعف واجباتهم، والتقييد بالمعروف معناه التقييد بالأمر الذي لَا تستنكره العقول، بل تقره وترضاه، ويتعارفه العقلاء، فلا يطالب الرجل بخدمة البيت كما تطالب بها المرأة.
فعلى المرأة أن تقوم بواجباتها، وتطالب بحقوقها بالنسبة لنفسها ولأولادها في دائرة العقل، والعرف المستمد من قضايا الحق والعدل، وألف العقول والفضلاء؛ لأنه لَا يستقيم أمر الأسرة بغير ذلك التقييد العادل، وذلك التوزيع الحكيم.
ولقد ختم الله سبحانه وتعالى الآية الكريمة بقوله تعالى:(وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) وفى ذلك دلالة على ثلاثة أمور: