فإن راجعا الرجل زوجه وهو على هذه النية فقد اختار الطريقة المثلى، وسيكون التوفيق من الله، وإن راجعها في نوبة رضا غير مدركة، ولم يفكر في الأمر فعسى الله أن يحدث أمرا، وإن راجعها على نية الكيد والأذى والمضارة فهو إثم عند الله، والله عزيز حكيم.
(وَلَهنَّ مِثْل الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَة) هذا هو القانون العادل الشامل، نطق به القرآن الكريم منذ أربعة عشر قرنا، وقد شرعه الإسلام في وقت لم يعترف أي قانون من قوانين العالم بأن للمرأة أي حق من حقوق، وفرضت عليها القوانين في العصور الغابرة كل الواجبات، فجاء الإسلام ووضع تلك القاعدة العادلة، وهي أن الحقوق يجب أن تكون متكافئة مع الواجبات، فما على الإنسان من واجبات يكافئ ماله من حقوق، وما من حق إلا تعلق به واجب، فإذا كان للرجل سلطان في البيت وعلى المرأة واجب الطاعة، فلها حق، وهو العدل. . وإذا كانت المرأة قارة في البيت قائمة بشئونه، وفرض عليها ذلك الواجب فلها حق الإنفاق. . وإذا كان عليها أن تعد البيت إعدادا حسنا بمقتضى العرف فلها حق المهر. . وإذا كان عليها أن تؤنس زوجها، فعليه ألا يوحشها، وقد أدرك ذلك المعنى الجليل، وهو التساوي بين الحقوق والواجبات الصحابة الأولون، حتى أن ابن عباس كان يقول:(إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي).
وإن التساوي بين الحقوق والواجبات ليس مقصورا على ما بين الرجل والمرأة، بل إنه قانون شامل سنه الإسلام وأيده العقل، وبه يقوم العدل، فقد جعل الواجب على المرء بمقدار ما له من حق، وعلى هذا السنن المستقيم جعل الإسلام عقوبة العبد نصف عقوبة الحر، لأن الرق الذي أسقط بعض حقوق الآدمية، أسقط أيضا بعض واجباتها.
وليس معنى أن الواجبات على المرأة مساوية للحقوق التي لها على الرجل أن المرأة مساوية للرجل من كل الوجوه، فإن الإسلام قرر فقط تساوي الحقوق والواجبات، بالنسبة لها وليس لذلك علاقة بشأن المساواة بينها وبين الرجل في نوع