إحداهم ألا تظهر نية التحليل في أثناء العقد، بل تختفي في أنفس الثلاثة الزوج الثاني، والأول، والمرأة، فلا ينطق واحد منهم في العقد بهذه النية، ولكنها في أطواء نفوسهم جميعا؛ وفي هذه الحال قال مالك وأحمد: إن العقد غير صحيح، ولا تحل للأول؛ لأن الأحكام بالنيات، والبواعث والغايات تناط بها الأحكام، وما كان النكاح نكاح رغبة، بل هو نكاح دلسة كما عبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو تحايل في شرع الله، فلا يقر عليه المتحايل، والله لَا يقر أمرًا جاء على خلاف ما أمر، وهو داخل في عموم نهيه.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: إنه في هذه الحال ينعقد العقد صحيحا مع تحقق الإثم، ويترتب عليه حلها للأول بعد الدخول والطلاق وانتهاء العدة؛ لأن الأحكام تناط بظواهر الألفاظ، والنيات علمها عند الله، وهو الذي يؤاخذ عليها.
والشافعي قد أثر عنه قولان: أحدهما وهو القديم كمذهب مالك وأحمد، وثانيهما وهو الجديد، كمذهب أبي حنيفة وفقهاء العراق.
الحال الثانية: أن يصرح بالتحليل في العقد، فيعقد العقد على شرطه، وهذا قال فيه الشافعي: إنه كنكاح المتعة فهو باطل؛ لأنه نكاح مؤقت؛ ومالك وأحمد على أصلهما وهو بطلانه وعدم حلها للأول بمقتضاه؛ والشافعي يوافقهما كما رأينا، وإن كان الأساس مختلفا؛ فالشافعي أبطله لأنه مؤقت كنكاح المتعة، ومالك وأحمد أبطلاه لذلك، ولأن الباعث عليه حرام، وما كان باعثه حراما فهو حرام.
هذه أقوال الأئمة الثلاثة، وقد وافقهم أبو يوسف من أصحاب أبي حنيفة، من حيث إنه عقد فاسد لَا يحلها للأول؛ وقال أبو حنيفة وزفر: يصح العقد ويحلها للأول؛ لأن اشتراط إحلالها للأول شرط فاسد، فهو يلغى ولا يكون لازما، ويصح العقد، ويحلها للأول بعد استيفاء شروط الحل.
وقال محمد من أصحاب أبي حنيفة: إن عقد الثاني صحيح مع هذا الشرط؛ لأن الشرط يلغى، ولكن هذا العقد لَا يحلها للأول، أما صحة العقد فلأن الشرط ملغى لَا يلتفت إليه، ولكن لأنه قد اشترط حلها للأول قد استعجل أمرا أخره الله