للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المعلومات التي يعلمها الله سبحانه وتعالى. والإحاطة معناها هي العلم الكامل بالأمر فيدركه العقل إدراكا ويستولي عليه استيلاء، كما تحيط الدائرة بكل أقطارها وما في داخلها. وهذه الجملة السامية تدل على نقص العلم البشرى من ناحيتين: أولاهما: أن أحدًا من البشر لَا يستطيع أن يعلم كل شيء، بل إن ما يجهل أضعاف كثيرة مما يعلم، كما قال تعالى: (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا).

الثانية: أن الجزء الذي يعلمه البشر من الأشياء علمه فيه ناقص كل النقص، وهذا ما قرره سبحانه في قوله تعالى: (وَلا يحِيطونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ) أي أنهم لا يعلمون شيئًا واحدًا علم إحاطة واستغراق لكل ما يشتمل عليه، وعلم الإحاطة هو العلم الكامل. ولقد فسره الأصفهاني بقوله " الإحاطة بالشيء علمًا هي أن تعلم وجوده، وجنسه، وكيفيته، وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه، وذلك ليس إلا لله تعالى ".

وعلم الإنسان لَا يكون إلا بالقدر الذي يشاؤه الله سبحانه وتعالى، ولذلك كان الاستثناء في قوله سبحانه: (إِلَّا بِمَا شَاءَ) إذ إنه إذا كان علم الإحاطة الكامل لشيء لَا يمكن أن يكون إلا لله العليم الخبير، فالله سبحانه يعطي البشر من العلم ببعض الأشياء بالقدر الذي يريده سبحانه ويقدره، وقد خلق البشر على استعداد له.

(وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ) الكرسي في تعارف الناس ما يقعد عليه، وهو منسوب إلى الكرس بمعنى المجتمع، ومنه الكُرَّاسَة للمتَجمِّع من الأوراق ويقال كَرِس الرجل كثر علمه.

والعلماء في تفسير معنى الكرسي هنا على وجهين:

أحدهما: أن لله سبحانه وتعالى كرسيا وعلينا أن نؤمن بوجوده وإن كنا لا ندرك كنهه ولا نعرف حقيقته، إذ ليس ذلك في مقدور العقل البشرى، ومن هؤلاء العلماء من قال: إن الكرسي هو العرش، وقد قبله الزمخشري احتمالا للآية؛

<<  <  ج: ص:  >  >>