للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أمية يؤلف الجماعات السرية التي تدس الآراء والأفكار التي من شأنها أن تفسد عقائد المسلمين.

أما النظر الثاني فاعتماده الأكبر على الأخبار التي وردت بنزول عيسى عليه السلام وأوَّل من أجلها هذه الآية الكريمة، مع أن الأخبار أحاديث آحاد، وأولئك هم الأكثرون كما قلنا.

(وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ) التطهير معناه إزالة الأدران والخبائث، والله سبحانه وتعالى طهر المسيح عليه السلام من الآثام التي حاول أن يلصقها به وبأمه اليهود ومن جاءوا بعده ممن ادعوا اتباعه وهم لم يتبعوه، وأبدى سبحانه وتعالى للملأ من اليهود طهر أمه وعفتها ونزاهتها، كما أبدى روحانيته وسلامته مما رماه به من عادوه وأفرطوا في عداوته، وما رماء به من أحبوه وأفرطوا في محبته حتى حسبوا أنه إله أو ابن إله، تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا. هذا تطهير الله لعيسى عليه السلام، ولقد طهره أيضا بأن لم يمكن اليهود والرومان من صلبه ومن قتله بل شُبه لهم، ونجاه الله تعالى من كيدهم؛ وهكذا طهّر الله عيسى من كل رجس معنوي أو حسي، ومن كل أذى حسي أو معنوي.

ولقد جعل الله سبحانه وتعالى الذين اتبعوه فوق الذين كفروا إلى يوم القيامة، وهنا يسأل القارئ لكتاب الله: من هم الذين اتبعوه؟ ومن هم الذين كفروا به؟ وما هذه الفوقية التي تكون للذين اتبعوه؟

ليس الذين اتبعوه هم الذين قالوا إنا نصارى أو نحن نتبع المسيح وكانوا يزعمون أنه ثالث ثلاثة أو ابن الله؛ لأنه ما قال هذا وما ادعاه، ولكنه جاء بالتوحيد، والإيمان بالله العلي القدير وحده؛ هانما الذين اتبعوه هم الذين آمنوا به، وبأنه رسول من رب العالمين، وبأنه بشر كسائر البشر، وأن تعاليمه هي العدالة، والرحمة، والسماحة، والإخلاص في طلب الحق وعبادة الله تعالى كما أمر الله؛ ولذلك لم يجانب الحق من قال إن أتباعه هم المسلمون، لأنهم هم الذين

<<  <  ج: ص:  >  >>