للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأقيم المضاف إليه وهو الله تعالى مقام المضاف تفظيعا لعملهم، وإعلاء لقدر الرسول والمؤمنين.

وفى الحق إن التخريجين يمكن الجمع بينهما، فهم يعاملون الله تعالى معاملة من يظنون أنهم يخادعون لعدم إيمانهم بالله، وهم يخادعون أولياءه ومن هذا الطريق أيضا يخادعون الله تعالى.

ومعنى خدع الله تعالى لهم أنهم مقابل ذلك الخداع الذي يصنعونه يجزون بجزائه، وهو ثمرة له، فمعنى خدع الله تعالى مجازاتهم على نفاقهم، ومحاولتهم خداع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ومن معه.

ويصح أن يقال إن معنى خدع الله تعالى أن يرد عليهم كيدهم في الدنيا، فيأتيهم سوء العاقبة في الدنيا من حيث كانوا يظنون أنهم واصلون إلى مقاصدهم؛ إذ يحسبون بنفاقهم أنهم واصلون إلى غاياتهم، فيأتيهم الله تعالى من حيث لم يحتسبوا، ويظنون أنهم مجهولون، والله تعالى كاشفهم.

وهنا إشارة بيانية دقيقة، وهي أنه سبحانه وتعالى عبر عن خداعهم بصيغة تدل على المشاركة والمغالبة، وأنهم قد ينجحون وربما لَا ينجحون، أما خداع الله تعالى لهم، فلم يعبر عنه بصيغة المشاركة بل عبر سبحانه بقوله: (وَهُوَ خَادِعُهُمْ) للدلالة على الغلب، وأن الله تعالى لَا محالة كاشف أمرهم ومزيل مغبة خداعهم، ومحاسبهم لَا محالة على ما يرتكبون.

(وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كسَالَى يرَاءُونَ النَّاسَ) هذه حال من أحوال المنافقين تدل على مقدار نفاقهم وتظهره، وهي أيضا من قبيل الخداع لله ولرسوله، وللمؤمنين وذلك في الصلاة، ففي المظهر الحسي لها يقومون كسالى متثاقلين، لا نشاط يحركهم ولا إيمان يبعثهم، وهذا مظهر يريدون به إظهار الإيمان، وهو يكشف عن خبيئة أنفسهم، ولذلك جعل النبي هذا النوع من الصلاة شيمة النفاق، فقد قال - صلى الله عليه وسلم - ذامًّا الذي صلى على هذا النحو: " تلك صلاة المنافقين " تلك صلاة

<<  <  ج: ص:  >  >>