للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذه حقيقة المؤمنين ومن معهم من الراسخين في العلم من أهل الكتاب، ثم بين من بعد أعمالهم، وإيمانهم بالغيب، فقال:

(وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ) ذكر في هذا النص الكريم أعظم أعمال الخير التي يقوم بها المؤمن الصادق في إيمانه، وهي قسمان: عبادة هي تطهير النفس وتهذيبها، وهي الصلاة، فإن إقامة الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهذب الضمير. والصلاة عمود الدين، ولب اليقين، وتهذيب الوجدان، وتجعل المؤمن يألف ويؤلف، وتصرفه إلى الخير، ولذلك ذكرت على سبيل التخصيص ونصبت حيث الظاهر، لتقدير فعل يدل على الاختصاص، والمعنى أَخُصُّ الصلاة بالذكر؛ لأنها ذكر الله تعالى الأكبر، وبذكر الله تطمئن القلوب، وتصفو النفوس وتهذب الضمائر.

والقسم الثاني: عبادة هي معونة اجتماعية للمؤمنين، فهي عطاء بنية العبادة، وهي تومئ إلى التعاون بين المؤمنين، بحيث يعين القوي الضعيف، والغني الفقير، وكل امرئٍ في حاجة أخيه وعونه كما قال عليه الصلاة والسلام: " الله في عون العبد، ما دام العبد في عونه أخيه " (١)، وكل امرئٍ مهما يكن يحتاج إلى غيره في ناحية، ويمد الغير بالحاجة من ناحية أخرى.

وقد ذكر سبحانه وتعالى بعد ذلك لب اليقين، ونور الايمان وما يكون الرسوخ في العلم والعقيدة؛ فقال سبحانه:

(وَالْمُؤْمِنونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ) فالإيمان بالله جل جلاله، وإدراك معنى صفاته، والإذعان له، واعتقاد أنه فوق كل الوجود وما فيه وأنه القاهر فوق عباده،


(١) جزء من حديث رواه مسلم: الذكر والدعاء - فضل الاجتماع على تلاوة القرآن (٢٦٩٩) عن أبي هريرة رضي الله عنه، والترمذي: الحدود - ما جاء في الستر على المسلم (١٤٢٥)، وأبو داود الأدب - في المعونة للمسلم (٤٩٤٦)، وابن ماجه: المقدمة - فضل العلم (٢٢٥)، وأحمد: باقي مسند المكثرين (٧٣٧٩)، وابن ماجه: القراءات ما جاء في نزول القرآن على سبعة أحرف (٢٩٤٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>