للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والاتجاه الثاني هو أن المراد بالأمر الأمر بالإتمام؛ أي أنه إذا شرع فيهما أو في أحدهما عليه أن يتمه ويأتي به كاملا، وإذا لم يستطع إتمامه أو عدل عنه فعليه أن يعيده، وتكون الإعادة واجبة، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه في عمرة القضاء؛ وعلى ذلك الرأي لَا تكون العمرة واجبة لعدم قيام الدليل على وجوبها، وليس في هذه الآية الكريمة ما يفيد الوجوب فهي لَا تفيد وجوب حج ولا وجوب عمرة، بل تفيد وجوب الإتمام إن شرع في أحدهما، وقد ثبتت فرضية الحجِ بآية أخرى، وهي قوله تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا. . .).

وعلى هذا الرأي جمهور الفقهاء وجمهور التابعين وكثرة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين، فهي على هذا الاتجاه سنة. وقد تأيد استنباط هؤلاء من الآية الكريمة بأقوال للنبي - صلى الله عليه وسلم - قد صحت عنه، وثبتت نسبتها إليه؛ وفوق ذلك فإن أركان العمرة تدخل في ثنايا أركان الحج؛ ولذلك ورد في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة " (١).

والقول الجملي أن فرضية الحج مجمع عليها؛ وأما فرضية العمرة ففيها خلاف، وقد فرض الحج في العام التاسع من الهجرة على أرجح الروايات.

وقد ذكرنا أن أول أركان الحج الإحرام، وأنه من الحج كتكبيرة التحريم بالنسبة للصلاة، ينوى به الدخول في الحج، كما ينوى بها الدخول في الصلاة؛ وإذا تم الإحرام على وجهه صار الشخص حاجا، فيلبس غير المخيط، ولا يحلق رأسه، ولا يقصر شعره، ويحرم عليه الصيد، وتحرم عليه النساء، كما يحرم على المرأة الرجال. . وهكذا يستمر في تلك الشعيرة المباركة حتى يتحلل من الإحرام بالذبح والحلق، كما يخرج المصلي من الصلاة بالتسليم.


(١) رواه مسلم: كتاب الحج - حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - (٢١٢٧) عن جابر بن عبد الله، ورواه أحمد في مسنده (١٣٩١٨)، والدارمي (١٧٧٨)، والترمذي (٨٥٤) والنسائي (١٥٢٥) وأبو داود (١٦٢٨) وابن ماجه (٣٠٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>