للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

المطلق، بل يرخص للمريض في بعض ما يحرم على المحرم، ولذلك فدية سنبينها. و " الهدى ": اسم جنس جمعي، وهو الذي يفرق بينه وبين مفرده بالتاء أو الياء المشددة، والمفرد هدية، والمراد ما يذبح من نحو الشاة والبقر والإبل، أي ما يذبح من النعم؛ والمطلوب أيسره، ولذلك قال سبحانه: (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الْهَدْيِ) والأيسر هو الشاة ونحوها.

واستيسر بمعنى يسر وتيسر، لأن الاستيسار واليسر بمعنى واحد، كاستصعب وصعب بمعنى واحد؛ ولكن يجب أن يلاحظ أن السين والتاء في استيسر ما زالتا تشيران إلى المعنى الأصلي لهما وهو الطلب، وقوله تعالى: (فَمَا اسْتَيْسَرَ مِن الْهَدْيِ) على هذا المعنى يكون حثا للمكلف على أن يطلب اليسير السهل الذي يؤدي من غير كلفة ومشقة، لَا العسير الصعب الذي لَا يؤدي إلا بمشقة وجهد.

وإن ذلك سير على مبدأ الإسلام العام الذي يطالب دائما بالسهل اليسير، لا بالصعب العسير؛ ولقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - كما أخبرت عائشة رضي الله عنها: " ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما " (١). ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - يحث على طلب الرفيق من الأمور والتكليف، ويقول في دينه " أوغل فيه برفق " (٢)، وينهى عن التشدد وطلب الشاق، ويقول: " لن يشاد الدين أحد إلا غلبه " (٣)، ويقول: " سددوا وقاربوا " (٤).


(١) عَنْ عَائشةَ - رَضِي اللَّهُ عَنْهَا - أنَّهَا قَالَتْ: " مَا خُيِّرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا أَخَذَ أَيْسَرَهُمَا، مَا لَمْ يَكُنْ إِثْمًا، فَإِنْ كَانَ إِثْمًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ مِنْهُ، وَمَا انْتَقَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِنَفْسِهِ إِلَّا أَنْ تُنْتَهَكَ حُرْمَةُ اللَّهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ بِهَا ". [متفق عليه؛ رواه البخاري: المناقب (٣٢٩٦)، ومسلَم: الفَضالْلَ (٤٢٩٤)].
(٢) عن أَنَس بْن مَالِكِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِنَّ هَذَا الدينَ مَتِين فَأوْغِلُوا فِيهِ بِرِفْقِ ". [أخرجه أحمد في مسنده (١٢٥٧٩)].
(٣) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النبِي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إٍنَ الدينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَاد الدينَ أحَد إِلا غَلَبَهُ؛ فَسَددُوا وَقَارِبُوا وَأبْشرُوا وَاسْتَعِينُوا بالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَة وَشىْءِ مِنْ الدُّلْجَة! \ ". [رواه البخاري: الإيمان - الدين يسر (٣٨) والنسائي (٤٩٤٨)، قلَت: يشادّ: يكلفَ نفسه من العبادةَ فوق طاقتها. السداد: التوسط في العمل من غير إفراط ولا تفريط. قاربوا: اقتربوا من السداد والصواب فى أداء الطاعات. الغدوة: الخروج أول النهار، والروحة: الخروج آخر النهار، والدلجة: السير أول الليل، قيل: سير الليل كله. يعني: اغتنموا أوقات نشاطكم مع تحري أفضل الأوقات للعبادة قدر المستطاع.
(٤) عَنْ أبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النبِي - صلى الله عليه وسلم - قالَ: " إٍنَ الدينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَاد الدينَ أحَد إِلا غَلَبَهُ؛ فَسَددُوا وَقَارِبُوا وَأبْشرُوا وَاسْتَعِينُوا بالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَة وَشىْءِ مِنْ الدُّلْجَة! \ ". [رواه البخاري: الإيمان - الدين يسر (٣٨) والنسائي (٤٩٤٨)، قلَت: يشادّ: يكلفَ نفسه من العبادةَ فوق طاقتها. السداد: التوسط في العمل من غير إفراط ولا تفريط. قاربوا: اقتربوا من السداد والصواب فى أداء الطاعات. الغدوة: الخروج أول النهار، والروحة: الخروج آخر النهار، والدلجة: السير أول الليل، قيل: سير الليل كله. يعني: اغتنموا أوقات نشاطكم مع تحري أفضل الأوقات للعبادة قدر المستطاع.

<<  <  ج: ص:  >  >>