كَانَ فِيهِمْ مَنْ يَقْوَى اسْتَسْعَى بِقُوَّتِهِ وَبِذَاتِ يَدِهِ عَلَى نَفْسِهِ وَعَلَى مَنْ دَخَلَ فِي الْكِتَابَةِ مَعَهُ وَكَانَتْ مَعُونَةُ مَا تَرَكَ أَبُوهُمْ قِصَاصًا لَهُمْ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ.
قَالَ: وَإِنْ تَرَكَ مَالًا وَسَرِيَّةً قَدْ وَلَدَتْ وَلَدًا فَمَاتُوا فَهِيَ وَالْمَالُ لِسَيِّدِهِ وَذَلِكَ لِأَنَّ سَيِّدَهَا تُوُفِّيَ وَهُمْ عَلَى حَالٍ مِنْ الْحُرْمَةِ لَا يَجُوزُ لَهُمْ عَتَاقَةٌ، فَلِذَلِكَ لَا تُعْتَقُ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ وَلَدِهَا الْهَالِكِ وَسَيِّدِهَا لَمْ تَبْلُغْ أَنْ يُعْتَقَ بِمَنْزِلَتِهِمْ أَحَدٌ لَا وَلَدٌ وَلَا أُمُّ وَلَدٍ
[الْمُكَاتَبُ يَمُوتُ وَيَتْرُكُ وَلَدًا حَدَثُوا فِي الْكِتَابَةِ وَمَالًا وَفَاءً بِالْكِتَابَةِ وَفَضْلًا]
قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَاتَبَ الرَّجُلُ عَبْدَهُ فَحَدَثَ لَهُ أَوْلَادٌ فِي الْكِتَابَةِ مِنْ أَمَةٍ لَهُ فَهُمْ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ لَا يَعْتِقُ مِنْهُمْ أَحَدٌ إلَّا بِأَدَاءِ جَمِيعِ الْكِتَابَةِ، فَإِذَا أَدَّوْا جَمِيعَ الْكِتَابَةِ عَتَقُوا كُلُّهُمْ، وَإِنْ عَجَزُوا عَنْ الْكِتَابَةِ فَذَلِكَ لَهُمْ كُلُّهُمْ رِقٌّ، فَإِنْ مَاتَ الْأَبُ عَنْ مَالٍ فِيهِ وَفَاءٌ بِالْكِتَابَةِ وَفَضْلٌ أَدَّى إلَى السَّيِّدِ الْكِتَابَةَ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلْوَلَدِ الَّذِينَ حَدَثُوا فِي الْكِتَابَةِ عَلَى فَرَائِضِ اللَّهِ لَا يَرِثُ فِي ذَلِكَ وَلَدُ الْمُكَاتَبِ الْأَحْرَارُ وَلَا زَوْجَتُهُ وَلَا لِسَيِّدِهِ فِي تِلْكَ الْفَضْلَةِ شَيْءٌ إذَا كَانَ الْوَلَدُ الَّذِي حَدَثَ فِي الْكِتَابَةِ ذَكَرًا؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ جَمِيعُ الْمِيرَاثِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ، فَإِنْ كَانَ الْوَلَدُ ذُكُورًا وَإِنَاثًا فَإِنَّ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كُنَّ إنَاثًا كُلَّهُنَّ أَخَذْنَ مَوَارِيثَهُنَّ وَكَانَ مَا بَقِيَ لِلسَّيِّدِ بِالْوَلَاءِ، وَأَصْلُ قَوْلِهِمْ حِينَ مَنَعُوا السَّيِّدَ فَضْلَةَ الْمَالِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: لَمْ يَمُتْ الْمُكَاتَبُ عَاجِزًا فَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ مِنْ مَالِ الْعَبْدِ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَعُودَ إلَى السَّيِّدِ عَاجِزًا، فَهُوَ لَمَّا مَاتَ وَتَرَكَ مَنْ يَقُومُ بِالْأَدَاءِ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا فَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ فِي هَذَا الْمَالِ قَلِيلٌ وَلَا كَثِيرٌ إلَّا كِتَابَتُهُ وَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِمَنْ قَامَ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةِ إذَا كَانَ وَارِثًا، وَلَا يَكُونُ لِلْأَحْرَارِ مِنْ وَرَثَتِهِ الَّذِينَ لَمْ يَكُونُوا مَعَهُ فِي هَذِهِ الْكِتَابَةِ مِنْ هَذَا الْمِيرَاثِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ مَاتَ قَبْلَ أَنْ تَتِمَّ حُرْمَتُهُ وَلَمْ يَمُتْ عَاجِزًا، فَلَمْ يُجْعَلْ لِلْوَرَثَةِ الْأَحْرَارِ مِنْ الْمِيرَاثِ الَّذِي تَرَكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ، وَلَا يَكُونُ لِلسَّيِّدِ مِنْ الَّذِي تَرَكَ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا فَصَارَ بَقِيَّةُ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ أَدَاءِ الْكِتَابَةِ لِوَلَدِهِ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ أَوْ لِوَلَدٍ إنْ كَانَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ مَعَهُ أَوْ لِوَارِثٍ إنْ كَانَ عَقْدُ الْكِتَابَةِ مَعَهُ دُونَ وَرَثَتِهِ الْأَحْرَارِ وَدُونَ السَّيِّدِ الَّذِي عَقَدَ لَهُ الْكِتَابَةَ؛ لِأَنَّ لَهُمْ مَالَهُ مِنْ عَقْدِ الْحُرِّيَّةِ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الْمُكَاتَبِ.
وَفِيهِمْ مِنْ الرِّقِّ مِثْلُ مَا كَانَ فِي الْمُكَاتَبِ وَقَدْ مَاتَ الْمُكَاتَبُ وَعَقْدُ الْحُرِّيَّةِ الَّتِي عَقَدَ السَّيِّدُ هِيَ فِيهِ لَمْ يُبْطِلْ ذَلِكَ الْعَقْدَ وَلَا يُبْطِلُهُ إلَّا الْعَجْزُ وَالْمُكَاتَبُ مَاتَ غَيْرَ عَاجِزٍ أَلَا تَرَى أَنَّهُ إذَا عَجَزَ رَجَعَ رَقِيقًا، وَهُوَ لَمَّا مَاتَ وَتَرَكَ مَنْ يَقُومُ بِأَدَاءِ الْكِتَابَةُ لَمْ يَمُتْ عَاجِزًا؛ لِأَنَّ الْعَقْدَ لَمْ يَنْحَلَّ وَلَا يَرِثُهُ وَرَثَتُهُ الْأَحْرَارُ؛ لِأَنَّ فِي الْمُكَاتَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute