للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي أَرْضِكَ غَاصِبًا وَإِنَّمَا بَنَى عَلَى وَجْهِ الشُّبْهَةِ، ثُمَّ يَنْظُرُ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ الَّذِي قَاسَمَهُ، فَإِنْ كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ مِنْ أَرْضِهِ الشَّيْءَ التَّافِهَ الْيَسِيرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَنْقُضَ الْقِسْمَةَ، وَلَكِنْ إنْ كَانَ اُسْتُحِقَّ رُبُعُ مَا فِي يَدَيْهِ رَجَعَ بِقِيمَةِ ثَمَنِ مَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ وَلَا يَرْجِعُ بِذَلِكَ فِي الدَّارِ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً لَمْ تَفُتْ أَوْ قَدْ فَاتَتْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَانْظُرْ أَبَدًا إلَى مَا اُسْتُحِقَّ، فَإِنْ كَانَ كَثِيرًا كَانَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِقَدْرِ نِصْفِ ذَلِكَ فِيمَا فِي يَدِ صَاحِبِهِ يَكُونُ بِهِ شَرِيكًا لَهُ فِيمَا فِي يَدَيْهِ إذَا لَمْ يَفُتْ، وَإِذَا كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ تَافِهًا يَسِيرًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ دَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ، وَلَا يَكُونُ بِذَلِكَ شَرِيكًا لِصَاحِبِهِ، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ.

قُلْتُ: فَالدَّارُ إذَا اقْتَسَمَاهَا فَبَنَى أَحَدُهُمَا فِي نَصِيبِهِ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُهُ وَقَدْ بَنَاهُ أَوْ نِصْفُهُ يُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ: إنْ شِئْتَ فَادْفَعْ إلَى هَذَا قِيمَةَ بُنْيَانِهِ أَوْ خُذْ مِنْهُ قِيمَةَ أَرْضِكَ بَرَاحًا فِي قَوْلِكَ؟

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَالْعَبِيدُ وَالدُّورُ بِمَنْزِلَةٍ وَاحِدَةٍ إذَا اُسْتُحِقَّ جُلُّ مَا فِي يَدَيْهِ رَدَّ الْجَمِيعَ، وَإِنْ اُسْتُحِقَّ الْأَقَلُّ مِمَّا فِي يَدَيْهِ لَمْ يَرُدَّ إلَّا مَا اُسْتُحِقَّ وَحْدَهُ بِمَا يَقَعُ عَلَيْهِ مِنْ حِصَّةِ الثَّمَنِ، فَالْقِسْمَةُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ أَحَدِهِمَا جُلُّ نَصِيبِهِ رَجَعَ بِقَدْرِ نِصْفِ ذَلِكَ فَشَارَكَ بِهِ صَاحِبَهُ، وَإِنْ كَانَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ تَافِهًا يَسِيرًا رَجَعَ بِنِصْفِ قِيمَةِ ذَلِكَ كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، وَلَا يُشَارِكُ بِهِ صَاحِبَهُ فِي حَظِّهِ الَّذِي فِي يَدَيْهِ، وَهَذَا كُلُّهُ قَوْلُ مَالِكٍ. وَتَفْسِيرُهُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الرَّجُلِ يَشْتَرِي مِائَةَ إرْدَبٍّ مِنْ حِنْطَةٍ فَيُسْتَحَقُّ خَمْسُونَ مِنْهَا.

قَالَ مَالِكٌ: يَكُونُ الْمُشْتَرِي بِالْخِيَارِ، إنْ أَحَبَّ أَنْ يَحْبِسَ مَا بَقِيَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الثَّمَنِ فَذَلِكَ لَهُ، وَإِنْ أَحَبَّ أَنْ يَرُدَّ فَذَلِكَ لَهُ، وَكَذَلِكَ الدَّارَانِ وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِذَا أَصَابَ بِخَمْسِينَ إرْدَبًّا مِنْهَا عَيْبًا أَوْ ثُلُثَ ذَلِكَ الطَّعَامِ أَوْ رُبُعَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ مَا وَجَدَ مِنْ طَيِّبِهِ، وَيَرُدَّ مَا أَصَابَ فِيهِ الْعَيْبَ، إنَّمَا لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْجَمِيعَ أَوْ يَرُدَّ الْجَمِيعَ وَكَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ.

[قِسْمَةُ الدُّورِ الْكَثِيرَةِ يُسْتَحَقُّ بَعْضُهَا مِنْ أَحَدِهِمَا]

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ عِشْرُونَ دَارًا تَرَكَهَا وَالِدِي مِيرَاثًا بَيْنِي وَبَيْنَ أَخِي فَاقْتَسَمْنَاهَا، فَأَخَذْتُ أَنَا عَشْرَةَ دُورٍ فِي نَاحِيَةٍ وَأَخَذَ أَخِي عَشَرَةً فِي نَاحِيَةٍ أُخْرَى تَرَاضَيْنَا بِذَلِكَ وَاسْتَهَمْنَا عَلَى الْقِيمَةِ، فَاسْتُحِقَّتْ دَارٌ مَنْ الدُّورِ الَّتِي صَارَتْ لِي؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْبُيُوعِ: إنْ كَانَتْ هَذِهِ الدَّارُ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ مِنْ نَصِيبِهِ أَوْ أَصَابَ بِهَا عَيْبًا هِيَ جُلُّ مَا فِي يَدَيْهِ مِنْ هَذِهِ الدُّورِ وَأَكْثَرُ هَذِهِ الدُّورِ ثَمَنًا رُدَّتْ الْقِسْمَةُ كُلُّهَا، وَإِنْ كَانَتْ لَيْسَ كَذَلِكَ رَدَّهَا وَحْدَهَا وَرَجَعَ عَلَى شَرِيكِهِ بِحِصَّتِهَا مِنْ نَصِيبِ صَاحِبِهِ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ يَرْجِعُ فِي نَصِيبِ صَاحِبِهِ، أَيَضْرِبُ بِذَلِكَ فِي كُلِّ دَارٍ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ تُقَوَّمُ الدُّورُ فَيَنْظُرُ كَمْ قِيمَتُهَا، ثُمَّ يَنْظُرُ إلَى الدَّارِ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ كَمْ كَانَتْ مِنْ الدُّورِ الَّتِي كَانَتْ فِي يَدَيْ الَّذِي اُسْتُحِقَّتْ مِنْهُ، فَإِنْ كَانَتْ عُشْرًا أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>