للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي تَقْطَعُ صِيَامَهَا الْحَيْضَةُ لَهَا رُخْصَةٌ فِي صِيَامِ الشَّهْرَيْنِ الْمُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قِبَلِ أَنَّ الْحَيْضَةَ تَقْطَعُ عَلَيْهَا الصِّيَامَ الَّذِي فَرَضَهُ اللَّهُ عَلَيْهَا

[كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ]

فِي كَفَّارَةِ الْمُتَظَاهِرِ

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ تَظَاهَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فِي غَيْرِ مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ: إنَّ عَلَيْهِ فِي كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ كَفَّارَةً كَفَّارَةً وَلَا تُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ فِي مَرَّةٍ وَاحِدَةٍ عَنْهُنَّ، أَيُجْزِئُهُ ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ رَقَبَةً بِعَيْنِهَا؟ فَقَالَ: نَعَمْ يُجْزِئُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمْ يُشْرِكْ بَيْنُهُنَّ فِي الْعِتْقِ وَإِنَّمَا صَارَتْ كُلُّ رَقَبَةٍ لِامْرَأَةٍ وَذَلِكَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ اللَّهِ لَيْسَ لَهُنَّ مِنْ وَلَائِهِنَّ شَيْءٌ.

قَالَ: وَإِنْ أَعْتَقَ ثَلَاثَ رِقَابٍ عَنْ ثَلَاثٍ أَجْزَأَهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ رَقَبَةً، وَإِنْ أَعْتَقَ الثَّلَاثَ الرِّقَابَ عَنْ النِّسْوَةِ الْأَرْبَعِ لَمْ تُجْزِهِ الرِّقَابُ فِي ذَلِكَ مِنْ ظِهَارِهِ إذَا نَوَى بِهِنَّ عَنْ جَمِيعِهِنَّ، لِأَنَّهُ إنَّمَا أَعْتَقَ عَنْ كُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِ رَقَبَةٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً أُخْرَى، فَيُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُ، وَلَوْ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ وَحَاشَا مِنْ نِسَائِهِ وَاحِدَةً لَمْ يَنْوِهَا بِعَيْنِهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَطَأَ حَتَّى يُعْتِقَ الرَّقَبَةَ الرَّابِعَةَ، فَيَطَأَهُنَّ، وَلَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ طَلَّقَهَا لَمْ تُجْزِهِ الثَّلَاثُ حَتَّى يُعْتِقَ رَقَبَةً، فَيَجُوزُ الْوَطْءُ لَهُ حِينَ أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ ثَلَاثٍ وَلَمْ يُعْتِقْهُنَّ عَنْ جَمِيعِهِنَّ، لِأَنَّا لَا نَدْرِي أَيَّتَهُنَّ الْبَاقِيَةَ، فَلَمَّا أَعْتَقَ الرَّقَبَةَ الرَّابِعَةَ فَكَانَ قَدْ اسْتَكْمَلَ عَنْهُنَّ الْكَفَّارَاتِ وَلَمْ يُشْرِكْ بَيْنَهُنَّ فِي أَصْلِ الْعِتْقِ، فَلَمَّا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ أَوْ طَلَّقَهَا قُلْنَا لَا نَشُكُّ أَنَّ اثْنَيْنِ مِمَّنْ قَدْ بَقِيَ وَقَعَتْ لَهُنَّ الْكَفَّارَةُ الْأُخْرَى الَّتِي مَاتَتْ أَوْ بَقِيَتْ فَلَا يَطَأُ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ حَتَّى يُعْتِقَ رَقَبَةً احْتِيَاطًا لِلَّتِي بَقِيَتْ فَيَسْتَكْمِلَ الْكَفَّارَةَ، وَأَمَّا الَّذِي لَا يُجْزِئُ عَنْهُ أَنْ يُعْتِقَ رَقَبَةً إذَا مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ أَوْ طَلَّقَهَا إذَا أَعْتَقَ ثَلَاثًا عَنْ أَرْبَعٍ، فَحِينَئِذٍ يَكُونُ قَدْ جَعَلَ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ فِي الْعِتْقِ نَصِيبًا فَلَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يُعْتِقَ أَرْبَعَ رِقَابٍ سِوَاهُنَّ.

قَالَ: وَإِنْ صَامَ ثَمَانِيَةَ أَشْهُرٍ مُتَتَابِعَاتٍ يُرِيدُ بِذَلِكَ الْكَفَّارَةَ عَنْهُنَّ، أَشْرَكَهُنَّ جَمِيعًا فِي صِيَامِ كُلِّ يَوْمٍ كَمَا أَشْرَكَهُنَّ فِي الْعِتْقِ، لَمْ أَرَ ذَلِكَ يُجْزِئُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَنْوِيَ بِالصِّيَامِ كَفَّارَةً كَفَّارَةً وَإِنْ لَمْ يُوقِعْ ذَلِكَ عَلَى وَاحِدَةٍ مِنْ نِسَائِهِ بِعَيْنِهَا كَمَا وَصَفْتُ لَكَ فِي الْعِتْقِ، فَيُجْزِئُ ذَلِكَ عَنْهُ وَأَمَّا الطَّعَامُ فَأَرَى ذَلِكَ مُجْزِئًا عَنْهُ وَذَلِكَ أَنِّي رَأَيْتُهُ مُجْزِئًا لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَتْ وَاحِدَةٌ مِنْهُنَّ وَقَدْ أَطْعَمَ عَنْهُنَّ عِشْرِينَ وَمِائَةَ مِسْكِينٍ سَقَطَ مِنْ ذَلِكَ حَظُّ الْمَيِّتَةِ وَجَبَرَ بِمَا كَانَ أَطْعَمَ عَنْ الثَّلَاثِ اللَّائِي بَقِينَ عِنْدَهُ بَقِيَّةَ الْإِطْعَامِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرِّقَ الْإِطْعَامَ، وَلَوْ أَطْعَمَ الْيَوْمَ عَنْ هَذِهِ عِشْرِينَ وَعَنْ هَذِهِ غَدًا ثَلَاثِينَ وَعَنْ الْأُخْرَى بَعْدَ ذَلِكَ أَرْبَعِينَ وَعَنْ الْأُخْرَى مِثْلَ ذَلِكَ ثُمَّ جَبَرَ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْهُنَّ أَجْزَأَ عَنْهُ.

فَلِذَلِكَ رَأَيْتُهُ مُجْزِئًا وَإِنْ لَمْ يَنْوِ وَاحِدَةً مِنْهُنَّ فَمَنْ مَاتَ مِنْهُنَّ فَعَلَ فِي أَمْرِهَا كَمَا فَسَّرْتُ لَكَ، يَجْبُرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>