للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَزَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ وَرَبِيعَةَ مِثْلَهُ، إلَّا أَنَّ عُمَرَ قَالَ: مَا لَمْ تَكُنْ جُمُعَةً. قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ مَالِكٌ وَحَدَّثَنِي غَيْرُ وَاحِدٍ مِمَّنْ أَثِقُ بِهِ: أَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَدْخُلُونَ حُجَرَ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - وَيُصَلُّونَ فِيهَا الْجُمُعَةَ، وَكَانَ الْمَسْجِدُ يَضِيقُ عَلَى أَهْلِهِ فَيَتَوَسَّعُونَ بِهَا وَحُجَرُ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَيْسَتْ مِنْ الْمَسْجِدِ، وَلَكِنَّهَا شَارِعَةٌ إلَى الْمَسْجِدِ وَلَا بَأْسَ بِمَنْ صَلَّى فِي أَفْنِيَةِ الْمَسْجِدِ وَرِحَابِهِ الَّتِي تَلِيهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَزَلْ مِنْ أَمْرِ النَّاسِ لَا يَعِيبُهُ أَهْلُ الْفِقْهِ وَلَا يَكْرَهُونَهُ، وَلَمْ يَزَلْ النَّاسُ يُصَلُّونَ فِي حُجَرِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَتَّى بُنِيَ الْمَسْجِدُ.

قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَقَالَ لِي مَالِكٌ: فَأَمَّا مَنْ صَلَّى فِي دَارٍ مُغْلَقَةٍ لَا تُدْخَلُ إلَّا بِإِذْنٍ، فَإِنِّي لَا أَرَاهَا مِنْ الْمَسْجِدِ وَلَا أَرَى أَنْ تُصَلَّى الْجُمُعَةُ فِيهَا.

[مَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ]

فِيمَنْ تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْقَرْيَةِ الْمُجْتَمِعَةِ الَّتِي قَدْ اتَّصَلَتْ دُورُهَا كَانَ عَلَيْهَا وَالٍ أَوْ لَمْ يَكُنْ، قَالَ: أَرَى أَنْ يُجَمِّعُوا الْجُمُعَةَ.

قُلْتُ: فَهَلْ حَدَّ مَالِكٌ فِي عِظَمِ الْقَرْيَةِ حَدًّا؟

قَالَ لَا، إنَّهُ قَالَ: مِثْلُ الْمَنَاهِلِ الَّتِي بَيْنَ مَكَّةَ وَالْمَدِينَةَ مِثْلُ الرَّوْحَاءِ وَأَشْبَاهِهَا. قَالَ: وَقَدْ سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي الْقُرَى الْمُتَّصِلَةِ الْبُنْيَانِ الَّتِي يَكُونُ فِيهَا الْأَسْوَاقُ يُجَمِّعُ أَهْلُهَا، وَقَدْ سَمِعْتُهُ غَيْرَ مَرَّةٍ يَقُولُ فِي الْقَرْيَةِ الْمُتَّصِلَةِ الْبُنْيَانِ يُجَمِّعُ أَهْلُهَا وَلَمْ يَذْكُرْ الْأَسْوَاقَ. قَالَ: وَقَدْ سَأَلَهُ أَهْلُ الْمَغْرِبِ عَنْ الْخُصُوصِ الْمُتَّصِلَةِ وَهُمْ جَمَاعَةٌ وَاتِّصَالُ تِلْكَ الْخُصُوصِ كَاتِّصَالِ الْبُيُوتِ، وَقَالُوا لَيْسَ لَنَا وَالٍ؟

قَالَ: يُجَمِّعُونَ الْجُمُعَةَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ وَالٍ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِي أَهْلِ مِصْرٍ أَوْ قَرْيَةٍ يُجَمِّعُ فِي مِثْلِهَا الْجَامِعُ مَاتَ وَلِيُّهُمْ وَلَمْ يَسْتَخْلِفْ فَبَقِيَ الْقَوْمُ بِلَا إمَامٍ؟

قَالَ: إذَا حَضَرَتْ صَلَاةُ الْجُمُعَةِ قَدَّمُوا رَجُلًا مِنْهُمْ فَخَطَبَ بِهِمْ وَصَلَّى الْجُمُعَةَ.

قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الْقُرَى الَّتِي يَنْبَغِي لِأَهْلِهَا أَنْ يُجَمِّعُوا فِيهَا الْجُمُعَةَ لَا يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَالٍ، فَإِنَّهُ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يُقَوِّمُوا رَجُلًا فَيُصَلِّي بِهِمْ الْجُمُعَةَ يَخْطُبُ وَيُصَلِّي. وَقَالَ مَالِكٌ: إنَّ لِلَّهِ فَرَائِضَ فِي أَرْضِهِ لَا يُنْقِصُهَا شَيْءٌ إنْ وَلِيَهَا وَالٍ أَوْ لَمْ يَلِهَا نَحْوًا مِنْ هَذَا يُرِيدُ الْجُمُعَةَ.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ كَانَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَمْيَالٍ مِنْ الْمَدِينَةِ.

أَرَى أَنْ يَشْهَدُوا الْجُمُعَةَ وَقَالَ مَالِكٌ: وَإِنَّمَا أَبْعَدُ الْعَوَالِي وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ قَالَ وَإِنْ كَانَتْ زِيَادَةً فَزِيَادَةٌ يَسِيرَةٌ قَالَ: فَأَرَى ذَلِكَ عَلَيْهِ، قَالَ: وَقَدْ كَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ فِي كَهْفِ جَبَلٍ بِذِي الْحُلَيْفَةِ فَكَانَ رُبَّمَا تَخَلَّفَ وَلَمْ يَشْهَدْ الْجُمُعَةَ.

قُلْتُ: مَا قَوْلُ مَالِكٍ إذَا اجْتَمَعَ الْأَضْحَى وَالْجُمُعَةُ أَوْ الْفِطْرُ أَوْ الْجُمُعَةُ فَصَلَّى رَجُلٌ مَنْ أَهْلِ الْحَضَرِ الْعِيدَ مَعَ الْإِمَامِ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ لَا يَشْهَدَ الْجُمُعَةَ، هَلْ يَضَعُ ذَلِكَ عَنْهُ شُهُودُهُ صَلَاةَ الْعِيدِ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ إتْيَانِ الْجُمُعَةِ؟

قَالَ: لَا وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَضَعُ

<<  <  ج: ص:  >  >>