للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهِمْ غَلَّةُ الْحَبْسِ، فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ عِنْدِي فِيمَا حَمَلْتُ عَنْ مَالِكٍ. فَأَمَّا أَنْ يَهَبَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ هِبَةً وَالْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرٌ مَرْضِيٌّ لَيْسَ بِسَفِيهٍ وَلَا صَغِيرٍ، وَيَأْمُرُهُ أَنْ لَا يَدْفَعَهُ إلَيْهِ، فَلَا أَرَى هَذِهِ حِيَازَةً، لِأَنَّهُ قَدْ قَبِلَهَا الْمَوْهُوبُ لَهُ، وَالْمَوْهُوبُ لَهُ حَاضِرٌ مَرْضِيٌّ وَلَمْ يُسَلِّمْهَا إلَيْهِ، إنَّمَا يَجُوزُ مِثْلُ هَذَا إذَا كَانَ قَدْ حَبَسَ الْأَصْلَ وَجَعَلَ الْغَلَّةَ لَهُ وَاسْتَخْلَفَ عَلَيْهَا مَنْ يُجْرِي ذَلِكَ عَلَيْهِ.

[حَوْزِ الزَّوْجِ مَالَ زَوْجَتَهُ]

ُ قُلْت: أَرَأَيْت لَوْ أَنَّ رَجُلًا تَزَوَّجَ جَارِيَةً بِكْرًا قَدْ طَمَثَتْ أَوْ لَمْ تَطْمِثْ وَهِيَ فِي بَيْتِ أَبِيهَا، فَتَصَدَّقَ الزَّوْجُ عَلَيْهَا بِصَدَقَةٍ أَوْ وَهَبَ لَهَا هِبَةً وَأَشْهَدَ عَلَيْهَا إلَّا أَنَّهُ لَمْ يُخْرِجْهَا مِنْ يَدِهِ، أَيَكُونُ حَائِزًا لَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا يَكُونُ حَائِزًا لَهَا إلَّا أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدَيْهِ فَيَجْعَلَهَا لَهَا عَلَى يَدَيْ مَنْ يَحُوزُهَا لَهَا. قُلْت: أَرَأَيْت إنْ كَانَ قَدْ دَخَلَ بِهَا وَهِيَ سَفِيهَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ جُنُونًا مُطْبِقًا، فَبَنَى بِهَا زَوْجُهَا ثُمَّ تَصَدَّقَ عَلَيْهَا زَوْجُهَا بِصَدَقَةٍ، أَوْ وَهَبَ لَهَا زَوْجُهَا هِبَةً وَأَشْهَدَ لَهَا بِذَلِكَ، أَيَكُونُ هُوَ الْحَائِزُ لَهَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا أَنَّهُ لَا يَكُونُ هُوَ الْحَائِزَ لَهَا مَا تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيْهَا هُوَ. قُلْت: لِمَ قُلْت ذَلِكَ؟

قَالَ: لِأَنَّ مَنْ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ عَلَى غَيْرِهِ، أَوْ وَهَبَ هِبَةً، فَلَا يَكُونُ هُوَ الْوَاهِبَ وَهُوَ الْحَائِزَ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَالِدًا أَوْ وَصِيًّا أَوْ مَنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ عَلَيْهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ. وَقَدْ فَسَّرْتُ لَك ذَلِكَ، وَلَا أَرَى الزَّوْجَ هَهُنَا مِمَّنْ يَجُوزُ أَمْرُهُ عَلَيْهَا. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ بَاعَ مَالَ امْرَأَتِهِ لَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ فِي ذَلِكَ، وَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَجُوزَ أَمْرُهُ عَلَيْهَا وَلَا يَكُونُ حَائِزًا لَهَا مَا يَتَصَدَّقُ هُوَ عَلَيْهَا بِهِ وَأَبُوهَا الْحَائِزُ لَهَا وَإِنْ دَخَلَتْ مَنْزِلَ زَوْجِهَا، مَا دَامَتْ سَفِيهَةً أَوْ فِي حَالٍ لَا يَجُوزُ لَهَا أَمْرٌ، وَلَا يَكُونُ زَوْجُهَا الْحَائِزَ لَهَا فِيمَا وَهَبَ لَهَا إلَّا أَنْ يَضَعَ ذَلِكَ عَلَى يَدَيْ أَجْنَبِيٍّ يَقْبِضُهُ لَهَا، وَأَمَّا صَدَقَتُهُ هُوَ أَوْ هِبَتُهُ لَهَا فَلَا.

[اعْتِصَارُ الْأُمِّ]

ِّ قُلْت: أَرَأَيْت مَا وَهَبْت الْأُمُّ لِوَلَدِهَا، أَيَجُوزُ لَهَا أَنْ تَعْتَصِرَ مِنْهُ شَيْئًا أَمْ لَا إذَا كَانَتْ هِيَ الْوَصِيَّةُ وَالْوَلَدُ صِغَارٌ فِي حِجْرِهَا؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا وَهَبَتْ الْأُمُّ لِوَلَدِهَا أَوْ نَحَلَتْهُمْ وَلَهُمْ أَبٌ، فَإِنَّ الْأُمَّ تَعْتَصِرُ ذَلِكَ كَمَا يَعْتَصِرُهُ الْأَبُ مَا لَمْ يَسْتَحْدِثُوا دَيْنًا أَوْ يَنْكِحُوا. وَمَا نَحَلَتْ أَوْ وَهَبَتْ الْأُمُّ لِوَلَدِهَا الصِّغَارِ وَلَا أَبَ لَهُمْ، فَإِنَّهَا لَا تَعْتَصِرُ ذَلِكَ. وَلَيْسَ يُعْتَصَرُ مَا يُوهَبُ لِلْيَتَامَى وَلَا مَا يُنْحَلُونَ. قَالَ لِي مَالِكٌ: إنَّمَا ذَلِكَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ الصَّدَقَةِ. وَمَا نَحَلَ الْأَبُ أَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ الصِّغَارِ، فَإِنَّهُ يَعْتَصِرُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ أُمٌّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>