للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُدَّعِي: أَنَا أَخَافُ فَسَادَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُولَاهُ لَهُ إنْ تَرَكَ حَتَّى يُزَكِّيَ الْبَيِّنَةَ، فَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَشْهَدُ لِلْمُدَّعِي شَاهِدٌ وَاحِدٌ وَأَثْبَتَ لَطْخًا وَقَالَ: لِي بَيِّنَةٌ حَاضِرَةٌ، فَإِنَّ الْقَاضِيَ يُؤَجِّلُ لِلْمُدَّعِي بِإِحْضَارِ شَاهِدِهِ إذَا قَالَ عِنْدِي شَاهِدٌ.

وَلَا أَحْلِفُ أَوْ بَيِّنَةٌ مَا لَمْ يَخَفْ الْفَسَادَ عَلَى ذَلِكَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ أَوْ اشْتَرَى، فَإِنْ أَحْضَرَ مَا يُنْتَفَعُ بِهِ وَإِلَّا خَلَّى مَا بَيْنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَبَيْنَ مَتَاعِهِ، إنْ كَانَ هُوَ الْبَائِعُ، وَنَهَى الْمُشْتَرِيَ أَنْ يَعْرِضَ لَهُ. وَإِنْ كَانَ أَقَامَ شَاهِدَيْنِ، وَكَانَ الْقَاضِي يَنْظُرُ فِي تَعْدِيلِهِمَا وَخَافَ عَلَيْهِ الْفَسَادَ، أَمَرَ أَمِينًا فَبَاعَهُ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ، وَوَضَعَ الثَّمَنَ عَلَى يَدَيْ عَدْلٍ، فَإِنْ زُكِّيَتْ الْبَيِّنَةُ، قَضَى لِلْمُشْتَرِي بِاَلَّذِي بِيعَتْ بِهِ السِّلْعَةُ إنْ كَانَ هُوَ الْمُدَّعِيَ، وَأَخَذَ مِنْ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ الَّذِي شَهِدَتْ بِهِ الشُّهُودُ فَدَفَعَ إلَى الْبَائِعِ، كَانَ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، وَيُقَالُ لِلْبَائِعِ: أَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا زَادَ ثَمَنُ الْمُشْتَرِي الَّذِي جَحَدْتَهُ الْبَيْعَ عَنْ ثَمَنِ سِلْعَتِكَ الَّتِي بِعْتَ، فَإِنْ لَمْ تُزَكَّ الْبَيِّنَةُ عَلَى الشِّرَاءِ أَخَذَ الْقَاضِي الثَّمَنَ، فَدَفَعَهُ إلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ بَيْعَ الْقَاضِي إنَّمَا كَانَ نَظَرًا مِنْهُ، فَطَابَ لِلْبَائِعِ. وَإِنْ ضَاعَ الثَّمَنُ قَبْلَ أَنْ يَقْضِيَ بِهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا، فَهُوَ لِمَنْ قَضَى لَهُ بِهِ، وَمُصِيبَتُهُ مِنْهُ كَانَ تَلَفُهُ قَبْلَ الْحُكْمِ أَوْ بَعْدَ الْحُكْمِ.

[الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ بِالْقَبْضِ وَالِاقْتِضَاءِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا بَعَثْتُ بِهِ مَعَهُ إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ: قَدْ دَفَعْته إلَيْهِ وَكَذَّبَهُ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ الْمَالُ، أَوْ بَعَثْتُ بِهِ مَعَهُ صَدَقَةً أَوْ هِبَةً إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ الْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْمَالُ: قَدْ دَفَعْتُ الْمَالَ وَكَذَّبَهُ الْمُتَصَدَّقُ عَلَيْهِ بِالْمَالِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: عَلَى الرَّسُولِ الْبَيِّنَةُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا وَإِلَّا غُرِّمَ.

قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ لَهُ: تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ، فَقَالَ: قَدْ فَعَلْت وَكَذَّبَهُ رَبُّ الْمَالِ؟

قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ فِي هَذَا الْوَجْهِ إذَا قَالَ لَهُ تَصَدَّقْ بِهَا عَلَى الْمَسَاكِينِ.

قُلْتُ: وَمَا فَرْقُ مَا بَيْنَ هَذَا وَمَا قَبْلَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لِأَنَّ الْمَسَاكِينَ أَمْرٌ لَا يُشْهَدُ عَلَيْهِمْ فِيمَا يُتَصَدَّقُ بِهِ عَلَيْهِمْ، وَقَدْ رَضِيَ بِأَمَانَتِهِ فِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ. وَأَمَّا إذَا بَعَثَ بِالْمَالِ إلَى قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ صَدَقَةً لَهُمْ أَوْ هِبَةً لَهُمْ، فَهَذَا الْمَبْعُوثُ مَعَهُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَ ذَلِكَ وَإِلَّا غُرِّمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْمُرْهُ بِأَنْ يُتْلِفَ مَالَهُ، وَفِي الصَّدَقَةِ عَلَى الْمَسَاكِينِ قَدْ أُمِرَ بِتَفْرِيقِهَا، فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ لِي عَلَى رَجُلٍ دَيْنٌ. فَأَمَرْتُهُ أَنْ يَدْفَعَ ذَلِكَ الدَّيْنَ إلَى رَجُلٍ بِعَيْنِهِ، فَقَالَ الْمَأْمُورُ: قَدْ دَفَعْت ذَلِكَ الدَّيْنَ إلَى الَّذِي أَمَرْتنِي بِهِ، وَكَذَّبَهُ الَّذِي أَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَيْهِ؟

قَالَ: عَلَيْهِ الْغُرْمُ عِنْدَ مَالِكٍ، إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ.

قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَلَوْ أَقَرَّ بِالْقَبْضِ الَّذِي أُمِرَ أَنْ يُدْفَعَ إلَيْهِ الْمَالُ وَقَالَ: قَدْ قَبَضْتُ وَهَلَكَ مِنِّي، لَمْ يُصَدَّقْ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ الدَّيْنُ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ قَدْ دَفَعَهُ إلَيْهِ وَإِلَّا غُرِّمَ الْمَالَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ وَكَّلْت رَجُلًا يَقْبِضُ لِي مَا لِي عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>