وَعِنْدَهُ مَالٌ نَاضٌّ غَيْرُ هَذِهِ الْحِنْطَةِ فَلَمَّا حَالَ الْحَوْلُ عَلَى هَذِهِ الْحِنْطَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ بُدٌّ مِنْ أَنْ يُقَوِّمَ هَذِهِ الْحِنْطَةَ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ فَبَدَا لَهُ، فَجَعَلَ ذَلِكَ لِجَمَالِ بَيْتِهِ وَاقْتَنَاهُ أَتَسْقُطُ عَنْهُ زَكَاةُ التِّجَارَةِ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّهُ قَالَ: إنْ بَارَ عَلَيْهِ الْعَرَضُ وَلَمْ يَخْلُصْ إلَيْهِ مَالُهُ فَلَيْسَ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ حَتَّى يَخْلُصَ إلَيْهِ، وَإِنَّمَا فِيهِ إذَا خَلَصَ الْعَرَضُ وَالدَّيْنُ صَارَ عَيْنًا نَاضًّا صَدَقَةً وَاحِدَةً. وَقَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ وَيَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ مِثْلَ قَوْلِ رَبِيعَةَ بْنِ أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ.
[زَكَاةِ الَّذِي يُدِيرُ مَالَهُ]
فِي زَكَاةِ الَّذِي يُدِيرُ مَالَهُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ رَجُلٌ يُدِيرُ مَالَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَكُلَّمَا بَاعَ اشْتَرَى مِثْلُ الْحَنَّاطِينَ وَالْبَزَّازِينَ وَالزَّيَّاتِينَ وَمِثْلُ التُّجَّارِ الَّذِينَ يُجَهِّزُونَ الْأَمْتِعَةَ وَغَيْرَهَا إلَى الْبُلْدَانِ، قَالَ: فَلْيَجْعَلُوا لِزَكَاتِهِمْ مِنْ السَّنَةِ شَهْرًا، فَإِذَا جَاءَ ذَلِكَ الشَّهْرُ قَوَّمُوا مَا عِنْدَهُمْ مِمَّا هُوَ لِلتِّجَارَةِ وَمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ النَّاضِّ فَزَكَّوْا ذَلِكَ كُلَّهُ، قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: فَإِنْ كَانَ لَهُ دَيْنٌ عَلَى النَّاسِ؟
قَالَ: يُزَكِّيهِ مَعَ مَا يُزَكِّي مِنْ تِجَارَتِهِ يَوْمَ يُزَكِّي تِجَارَتَهُ إنْ كَانَ دَيْنًا يُرْتَجَى اقْتِضَاؤُهُ، قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: فَإِنْ جَاءَهُ عَامٌ آخَرُ وَلَمْ يَقْتَضِهِ؟ فَقَالَ: يُزَكِّي أَيْضًا وَمَعْنَى قَوْلِهِ فِي ذَلِكَ، أَنَّ الْعُرُوضَ وَالدَّيْنَ سَوَاءٌ؛ لِأَنَّ الْعُرُوضَ لَوْ بَارَتْ عَلَيْهِ وَهُوَ مِمَّنْ يُقَوِّمُ يُرِيدُ يُدِيرُ التِّجَارَةَ زَكَّى الْعَرَضَ السَّنَةَ الثَّانِيَةَ، فَالدَّيْنُ وَالْعَرَضُ فِي هَذَا سَوَاءٌ فَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الدَّيْنِ شَيْءٌ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْعَرَضِ فِي السَّنَةِ الثَّانِيَةِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي عَرَضٍ عَلَى مَنْ لَا يُدِيرُ التِّجَارَةَ حَتَّى يَبِيعَ وَلَا فِي دَيْنٍ حَتَّى يَقْبِضَ، فَلَمَّا كَانَ الَّذِي يُدِيرُ التِّجَارَاتِ الَّذِي لَا يَشْتَرِي إلَّا بَاعَ، يُزَكِّي عُرُوضَهُ الَّتِي عِنْدَهُ فَكَذَلِكَ يُزَكِّي دَيْنَهُ الَّذِي يَرْتَجِي قَضَاءَهُ قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: إذَا كَانَ الرَّجُلُ يُدِيرُ مَالَهُ فِي التِّجَارَةِ، فَجَاءَ يَوْمُهُ الَّذِي يُقَوِّمُ فِيهِ وَلَهُ دَيْنٌ مِنْ عُرُوضٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ عَلَى النَّاسِ لَا يَرْجُوهُ؟ فَقَالَ: إذَا كَانَ لَا يَرْجُوهُ لَمْ يُقَوِّمْهُ وَإِنَّمَا يُقَوِّمُ مَا يَرْتَجِيهِ مِنْ ذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ: وَيُقَوِّمُ الرَّجُلُ الْحَائِطَ إذَا اشْتَرَاهُ لِلتِّجَارَةِ إذَا كَانَ مِمَّنْ يُدِيرُ مَالَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَا يُقَوِّمُ الثَّمَرَ؛ لِأَنَّ الثَّمَرَ فِيهِ زَكَاةُ الثَّمَرِ فَلَا يُقَوِّمُهُ مَعَ مَا يُقَوِّمُ مِنْ مَالِهِ، قَالَ سَحْنُونٌ: لِأَنَّهُ غَلَّةٌ بِمَنْزِلَةِ خَرَاجِ الدَّارِ وَكَسْبِ الْعَبْدِ، وَإِنْ اشْتَرَى رِقَابَهَا لِلتِّجَارَةِ وَبِمَنْزِلَةِ غَلَّةِ الْغَنَمِ مَا يَكُونُ مِنْ صُوفِهَا وَلَبَنِهَا وَسَمْنِهَا وَإِنْ كَانَ رِقَابُهَا لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ رَجُلًا كَانَ يُدِيرُ مَالَهُ لِلتِّجَارَةِ وَلَا يَنِضُّ لَهُ شَيْءٌ فَاشْتَرَى بِجَمِيعِ مَا عِنْدَهُ حِنْطَةً، فَلَمَّا جَاءَ شَهْرُهُ الَّذِي يُقَوِّمُ فِيهِ كَانَ جَمِيعُ مَالِهِ الَّذِي يَتْجُرُ فِيهِ حِنْطَةً، فَقَالَ: أَنَا أُؤَدِّي إلَى الْمَسَاكِينِ رُبْعَ عُشْرِ هَذِهِ الْحِنْطَةِ كَيْلًا وَلَا أُقَوِّمُ؟ فَقَالَ قَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute