اُسْتُحِقَّتْ الدَّابَّةُ أَوْ السِّلْعَةُ الَّتِي أَخَذَ فِي ثَمَنِ الدَّنَانِيرِ مِنْ يَدَيْهِ، رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا أَخَذَ هَذِهِ السِّلْعَةَ الَّتِي اُسْتُحِقَّتْ مِنْ يَدَيْهِ بِمِائَةِ دِينَارٍ، كَانَتْ لَهُ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَمْ تَكُنْ هَذِهِ السِّلْعَةُ ثَمَنًا لِلسِّلْعَةِ الْأُخْرَى، وَإِنَّمَا هِيَ عِنْدِي بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ قَبَضَ الذَّهَبَ، ثُمَّ ابْتَاعَ بِهَا مِنْ صَاحِبِهَا سِلْعَةً أُخْرَى فَاسْتُحِقَّتْ السِّلْعَةُ مِنْ يَدَيْهِ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالذَّهَبِ.
[الرَّجُلُ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ ثُمَّ يَسْتَحِقُّهَا رَجُلٌ]
ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى جَارِيَةً فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ، فَوَطِئَهَا فَاسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ أَنَّهَا أُمَّةٌ أَوْ اُسْتُحِقَّتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ، وَقَدْ وَطِئَهَا السَّيِّدُ الْمُشْتَرِي، أَيَكُونُ عَلَيْهِ لِلْوَطْءِ شَيْءٌ أَمْ لَا؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ اشْتَرَى جَارِيَةً فَوَطِئَهَا فَافْتَضَّهَا، أَوْ كَانَتْ ثَيِّبًا فَوَطِئَهَا فَاسْتُحِقَّتْ أَنَّهَا حُرَّةٌ، أَوْ اسْتَحَقَّهَا رَجُلٌ أَنَّهَا أَمَتُهُ؟
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَى الْوَاطِئِ، بِكْرًا كَانَتْ أَوْ ثَيِّبًا.
[اشْتَرَى جَارِيَةَ فَوَلَدَتْ مِنْهُ وَلَدًا فَقَتَلَهُ رَجُلٌ ثُمَّ اسْتَحَقَّهَا سَيِّدُهَا]
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ فِي سُوقِ الْمُسْلِمِينَ، فَتَلِدُ مِنْهُ وَلَدًا عِنْدَ السَّيِّدِ، فَيَقْتُلُهُ رَجُلٌ خَطَأً أَوْ عَمْدًا، ثُمَّ يَأْتِي رَجُلٌ فَيَسْتَحِقُّ الْأَمَةَ، وَقَدْ قُضِيَ عَلَى الْقَاتِلِ بِالدِّيَةِ أَوْ بِالْقِصَاصِ أَوْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ؟
قَالَ: أَمَّا الدِّيَةُ، فَإِنَّ مَالِكًا قَالَ فِي دِيَتِهِ: هِيَ لِأَبِيهِ كَامِلَةً؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَيَكُونُ عَلَى أَبِيهِ قِيمَتُهُ لِسَيِّدِ الْأَمَةِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ الْقِيمَةُ أَكْثَرَ مِنْ الدِّيَةِ، فَلَا يَكُونُ عَلَى الْأَبِ أَكْثَرُ مِمَّا أَخَذَ. وَأَمَّا فِي الْعَمْدِ، فَهُوَ حُرٌّ وَفِيهِ الْقِصَاصُ، وَلَا يَضَعُ الْقِصَاصَ عَنْ الْقَاتِلِ اسْتِحْقَاقُ هَذِهِ الْأَمَةِ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ.
قُلْتُ: وَكَذَا إنْ جُرِحَ؟
قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ إنْ جُرِحَ أَوْ لَمْ يُجْرَحْ؛ لِأَنَّهُ حُرٌّ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْأَبَ إذَا اقْتَصَّ مِنْ قَاتِلِ ابْنِهِ هَذَا، ثُمَّ أَتَى سَيِّدُ الْأَمَةِ، هَلْ يَغْرَمُ لَهُ الْأَبُ شَيْئًا أَمْ لَا؟
قَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْوَلَدَ إذَا كَانَ قَائِمًا عِنْدَ وَالِدِهِ، أَيَكُونُ لِمُسْتَحِقِّ الْأَمَةِ عَلَى وَالِدِهِ قِيمَتُهُ بَالِغَةً مَا بَلَغَتْ وَإِنْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ؟
قَالَ: كَذَلِكَ قَالَ لِي مَالِكٌ: إنَّمَا يَغْرَمُ قِيمَتَهُ أَنْ لَوْ كَانَ عَبْدًا يُبَاعُ عَلَى حَالَتِهِ الَّتِي هُوَ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَطَعَ يَدَهُ خَطَأً، وَقِيمَةُ الْوَلَدِ أَكْثَرُ مِنْ أَلْفِ دِينَارٍ، فَأَخَذَ الْأَبُ نِصْفَ دِيَةِ وَلَدِهِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ أَمَةً؟
قَالَ: يَغْرَمُ وَالِدُهُ قِيمَةَ الْوَلَدِ أَقْطَعَ الْيَدِ يَوْمَ يُحْكَمُ لَهُ فِيهِ، وَيُقَالُ لَهُ: مَا قِيمَتُهُ صَحِيحًا وَقِيمَتُهُ أَقْطَعَ الْيَدِ يَوْمَ جُنِيَ عَلَيْهِ؟ فَيُنْظَرُ كَمْ بَيْنَهُمَا، فَإِنْ كَانَ بَيْنَ قِيمَتِهِ أَقْطَعَ الْيَدِ وَبَيْنَ قِيمَتِهِ