للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا فَيَغْرَقُ بَعْضُهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ]

فِي الرَّجُلِ يَكْتَرِي الْأَرْضَ لِيَزْرَعَهَا فَيَغْرَقُ بَعْضُهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اسْتَأْجَرْت أَرْضًا لِأَزْرَعَهَا فَغَرِقَ بَعْضُهَا قَبْلَ الزِّرَاعَةِ أَيَكُونُ لِي أَنْ أَرُدَّ مَا بَقِيَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْأَرْضِ إذَا تَكَارَاهَا الرَّجُلُ فَعَطِشَ بَعْضُهَا، قَالَ مَالِكٌ: إنْ كَانَ الَّذِي عَطِشَ مِنْهَا هُوَ أَكْثَرَ الْأَرْضِ، وَإِنَّمَا بَقِيَ مِنْهَا التَّافِهُ الْيَسِيرُ رَدَّهَا كُلَّهَا.

وَإِنْ كَانَ الَّذِي عَطِشَ مِنْهَا التَّافِهَ الْيَسِيرَ لَيْسَ هُوَ جُلَّ الْأَرْضِ - وُضِعَ عَنْهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِقَدْرِ الَّذِي عَطِشَ وَلَزِمَهُ مَا بَقِيَ مِنْ الْأَرْضِ بِحِسَابِهِ مِنْ الْكِرَاءِ، فَكَذَلِكَ مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ الْأَرْضِ إذَا غَرِقَتْ؛ لِأَنَّ الْعَطَشَ وَالْغَرَقَ سَوَاءٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: وَكَيْفَ يُوضَعُ عَنْهُ بِقَدْرِ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَيَنْظُرُ إلَى قِيَاسِهِ مِنْ الْأَرْضِ أَمْ يَنْظُرُ إلَى كَرَمِهَا وَرَغْبَةِ النَّاسِ فِيهَا وَجَوْدَتِهَا عِنْدَ النَّاسِ فِيمَا غَرِقَ مِنْهَا وَمَا بَقِيَ فَيَفُضُّ الْكِرَاءَ عَلَى كَرَمِهَا وَعَلَى رَدَاءَتِهَا؟

قَالَ: نَعَمْ إنَّمَا يَنْظُرُ فِي ذَلِكَ إلَى كَرَمِهَا وَغَيْرِ الْكَرَمِ فَيَفُضُّ الْكِرَاءَ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَ مَالِكٍ إذَا كَانَتْ مُخْتَلِفَةً.

قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهَا وَبَقِيَ بَعْضُهَا فَهُوَ مِثْلُ مَا وَصَفْتُ لِي فِي الْغَرَقِ إنْ اُسْتُحِقَّ الْقَلِيلُ مِنْهَا أَوْ الْكَثِيرُ قَالَ: نَعَمْ هُوَ رَأْيِي.

[اكْتِرَاءِ أَرْضِ الْمَطَرِ سِنِينَ وَالنَّقْدِ فِيهَا]

فِي اكْتِرَاءِ أَرْضِ الْمَطَرِ سِنِينَ وَالنَّقْدِ فِيهَا قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ عَشْرَ سِنِينَ أَيَجُوزُ هَذَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ إذَا لَمْ يُنْقِدْ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ قَدْ أَمْكَنَتْ لِلْحَرْثِ عَامَهَا هَذَا؟

قَالَ: فَلَا بَأْسَ بِالنَّقْدِ فِي هَذَا الْعَامِ الْوَاحِدِ الَّذِي قَدْ أَمْكَنَتْ فِيهِ الْحَرْثَ.

قُلْتُ: فَكَمْ يُنْقِدُهُ؟

قَالَ: كِرَاءَ سَنَةٍ وَاحِدَةٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اكْتَرَيْت أَرْضًا مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ الَّتِي لَا يَصْلُحُ فِيهَا النَّقْدُ وَشَرَطَ عَلَيَّ صَاحِبُهَا النَّقْدَ أَيَبْطُلُ هَذَا الْكِرَاءُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ الْكِرَاءُ بَاطِلٌ عِنْدَ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ تَكَارَيْتُ مِنْهُ أَرْضَهُ هَذِهِ السَّنَةَ، وَهِيَ مِنْ أَرْضِ الْمَطَرِ قُرْبَ الْحَرْثِ وَنَحْنُ نَتَوَقَّعُ الْمَطَرَ أَيَصْلُحُ أَنْ أَنْقُدَ لِقُرْبِ مَا نَرْجُو مِنْ الْمَطَرِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا يَصْلُحُ النَّقْدُ فِيهَا إلَّا بَعْدَ مَا تُرْوَى، وَيُمَكَّنُ مِنْ الْحَرْثِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>