[الدَّعْوَى فِي الْقِرَاضِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا، فَقَالَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ: أَوْدَعْتنِي، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَقْرَضْتُك الْمَالَ قِرَاضًا؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ صَاحِبِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ لِي فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ مَالًا، فَقَالَ الْمَدْفُوعُ إلَيْهِ: إنَّمَا أَخَذْته قَرْضًا، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَعْطَيْتُك الْمَالَ قِرَاضًا، قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ مَعَ يَمِينِهِ قُلْتُ: فَإِنْ ادَّعَى الْعَامِلُ أَنَّهُ قِرَاضٌ، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ بَلْ أَبْضَعْتُهُ مَعَكَ لِتَعْمَلَ بِهِ لِي؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ، وَعَلَيْهِ لِلْعَامِلِ إجَارَةُ مِثْلِهِ، إلَّا أَنْ تَكُونَ إجَارَةُ مِثْلِهِ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ رِبْحِ الْقِرَاضِ، فَلَا يُعْطِي أَكْثَرَ مِمَّا ادَّعَى.
فَإِنْ نَكَلَ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْعَامِلِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا كَانَ مِمَّا يُسْتَعْمَلُ مِثْلُهُ فِي الْقِرَاضِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى صَبَّاغٍ ثَوْبًا، فَقَالَ صَاحِبُهُ، اسْتَوْدَعْتُك، إيَّاهُ وَلَمْ آمُرْك بِالْعَمَلِ، وَقَالَ الصَّبَّاغُ: بَلْ اسْتَعْمَلْتَنِيهِ، قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبَّاغِ، وَأَمَّا فِي الْقِرَاضِ، فَإِذَا قَالَ رَبُّ الْمَالِ هُوَ قَرْضٌ، وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ هُوَ قِرَاضٌ، قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّهُ قَدْ قَالَ: أَخَذْتَ مِنِّي الْمَالَ عَلَى ضَمَانٍ، وَقَالَ الْعَامِلُ: إنَّمَا أَخَذْتُهُ مِنْكَ عَلَى غَيْرِ ضَمَانٍ فَقَدْ أَقَرَّ لَهُ بِمَالٍ قَبْلَهُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ الْعَامِلُ بِمَخْرَجٍ مِنْ ذَلِكَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: اسْتَوْدَعْتُك، وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ أَخَذْته قِرَاضًا قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ؛ لِأَنَّ الْعَامِلَ مُدَّعٍ يُرِيدُ طَرْحَ الضَّمَانِ عَنْ نَفْسِهِ أَيْضًا. قُلْتُ: فَإِنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: أَعْطَيْتُك الْمَالَ قِرَاضًا وَقَالَ الْعَامِلُ: بَلْ سَلَفًا؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ مُدَّعٍ هَاهُنَا فِي الرِّبْحِ فَلَا يُصَدَّقُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِرَجُلٍ: لَكَ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ قِرَاضًا، وَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: بَلْ هِيَ سَلَفٌ، الْقَوْلُ قَوْلُ مَنْ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الْمَالِ قُلْتُ: فَهَلْ يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِ هَذَا: أَخَذْتُ مِنْكَ وَأَخَذْتَ مِنِّي؟ قَالَ: لَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اخْتَلَفَا فِي رَأْسِ الْمَالِ - الْعَامِلُ وَرَبُّ الْمَالِ - فَقَالَ رَبُّ الْمَالِ: رَأْسُ مَالِي أَلْفَانِ، وَقَالَ الْعَامِلُ: رَأْسُ الْمَالِ أَلْفُ دِرْهَمٍ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّهُ مُدَّعًى عَلَيْهِ وَهُوَ أَمِينٌ. قُلْتُ: فَإِنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا، فَعَمِلَ فَخَسِرَ. فَقُلْتُ لَهُ: قَدْ تَعَدَّيْتُ، وَإِنَّمَا كُنْتُ أَمَرْتُك بِالْبَزِّ وَحْدَهُ، وَقَالَ الْعَامِلُ: لِمَ أَتَعَدَّ وَلَمْ تَنْهَنِي عَنْ شَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ؟ قَالَ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْعَامِلِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَالَ رَبُّ الْمَالِ: لَمْ أَقْتَضِ مِنْكَ رَأْسَ مَالِي، وَقَالَ الْعَامِلُ: قَدْ دَفَعْته إلَيْك وَهَذَا الَّذِي مَعِي رِبْحٌ؟ قَالَ: أَرَى الْقَوْلَ قَوْلَ رَبِّ الْمَالِ مَا دَامَ فِي الْمَالِ رِبْحٌ، حَتَّى يَسْتَوْفِيَ رَأْسَ مَالِهِ، وَعَلَى الْعَامِلِ الْبَيِّنَةُ قُلْتُ: وَلِمَ؟ وَأَنْتَ تَجْعَلُ الْقَوْلَ قَوْلَ الْعَامِلِ فِي الَّذِي يَدَّعِي أَنَّهُ عَمِلَ عَلَى الثُّلُثَيْنِ وَخَالَفَهُ رَبُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute