للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قُلْتُ: وَسَوَاءٌ إنْ كَانَ الَّذِي دَفَعَ الْبِضَاعَةَ هُوَ الْمَيِّتُ أَوْ هُوَ الْحَيُّ مِنْهُمَا؟ قَالَ: نَعَمْ، ذَلِكَ سَوَاءٌ. قُلْتُ: وَلِمَ نَهَيْتَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا وَاَلَّذِي أَبْضَعَ ذَلِكَ مَعَهُ هُوَ حَيٌّ؟ قَالَ: لِأَنَّ الشَّرِكَةَ قَدْ انْقَطَعَتْ بَيْنَ الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ، وَصَارَ الْمَالُ لِلْوَرَثَةِ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَاتَ وَاحِدٌ مِنْهُمَا، وَلَكِنْ افْتَرَقَا وَعَلِمَ بِذَلِكَ الْمُبْضَعُ مَعَهُ؟ قَالَ: يَشْتَرِي بِمَا أَبْضَعَ مَعَهُ، وَلَا يُشْبِهُ افْتِرَاقُهُمَا فِي الشَّرِكَةِ مَوْتَ أَحَدِهِمَا، لِأَنَّهُمَا إذَا افْتَرَقَا فَإِنَّمَا يَقَعُ مَا اشْتَرَى الْمُبْضَعُ مَعَهُ لَهُمَا، وَفِي الْمَوْتِ إنَّمَا يَقَعُ لِلْوَرَثَةِ، وَالْوَرَثَةُ لَمْ يَأْمُرُوهُ بِذَلِكَ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَمْ أَسْمَعْهُ مِنْ مَالِكٍ، وَلَكِنْ هَذَا أَحْسَنُ مَا سَمِعْتُ.

[فِي أَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ يُبْضِعُ أَوْ يُقَارِضُ أَوْ يَسْتَوْدِعُ مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ]

ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْمُتَفَاوِضَيْنِ، هَلْ يَجُوزُ لَهُمَا أَنْ يُبْضِعَ أَحَدُهُمَا دُونَ صَاحِبِهِ، أَوْ يُقَارِضَ دُونَ صَاحِبِهِ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، إذَا كَانَا تَفَاوَضَا كَمَا وَصَفْتُ لَكَ، قَدْ فَوَّضَ هَذَا إلَى هَذَا وَهَذَا إلَى هَذَا، وَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِصَاحِبِهِ: اعْمَلْ بِاَلَّذِي تَرَى قُلْتُ: وَجَائِزٌ لَهُ أَنْ يَسْتَوْدِعَ؟ قَالَ: إذَا احْتَاجَ إلَى أَنْ يَسْتَوْدِعَ، جَازَ ذَلِكَ. قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟ قَالَ: هَذَا رَأْيِي، وَذَلِكَ أَنَّا سَأَلْنَا مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ، يَسْتَوْدِعُ الرَّجُلَ الْوَدِيعَةَ فَيَسْتَوْدِعُهَا غَيْرَهُ فَتَهْلَكُ، هَلْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ؟ قَالَ: إنْ كَانَ رَجُلًا أَرَادَ سَفَرًا، أَوْ كَانَ بَيْتُهُ مُعْوِرًا، أَوْ مَا أَشْبَهَ هَذَا مِنْ الْعُذْرِ، فَأَرَى أَنْ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ، وَإِنْ كَانَ لَيْسَ لَهُ عُذْرٌ مِنْ هَذَا فَأَرَاهُ ضَامِنًا. قَالَ: فَقُلْنَا لِمَالِكٍ: فَالْمُسَافِرُ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلُ الْبِضَاعَةَ فِي سَفَرِهِ يَرْفَعُهَا لَهُ فَيَدْفَعُهَا إلَى غَيْرِهِ؟ قَالَ مَالِكٌ: هُوَ ضَامِنٌ، وَلَمْ يَرَهُ مِثْلَ الْحَاضِرِ، لِأَنَّ الْمُسَافِرَ قَدْ عَرَفَ نَاحِيَتَهُ وَأَنَّهُ فِي سَفَرٍ. فَالشَّرِيكُ الَّذِي سَأَلْتَنِي عَنْهُ إذَا نَزَلَ الْبَلَدَ، فَخَافَ عَلَى مَا مَعَهُ فَاسْتَوْدَعَهَا رَجُلًا، لِأَنَّ التُّجَّارَ مَنَازِلُهُمْ فِي الْغُرْبَةِ مَا عَلِمْتَ إنَّمَا هِيَ الْفَنَادِقُ وَالْمَوَاضِعُ الَّتِي يَتَخَوَّفُونَ فِيهَا، فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ إذَا كَانَ بِهَذِهِ الْحَالِ. وَإِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْحَالِ فَاسْتَوْدَعَهَا رَأَيْتُهُ ضَامِنًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا دَفَعَ إلَيَّ أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَدِيعَةً مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، فَرَدَدْتُهَا عَلَى شَرِيكِهِ، أَيَكُونُ عَلَيَّ الضَّمَانُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا ضَمَانَ عَلَيْكَ إذَا صَدَقَكَ بِذَلِكَ

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَوْدَعَنِي أَحَدُ الْمُتَفَاوِضَيْنِ وَدِيعَةً مِنْ مَالِ الشَّرِكَةِ، أَوْ بَايَعَنِي، فَرَدَدْتُ الْوَدِيعَةَ عَلَى شَرِيكِهِ، أَوْ دَفَعْت الثَّمَنَ إلَى شَرِيكِهِ بِغَيْرِ أَمْرِهِ وَبِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، فَكَذَّبَنِي شَرِيكُهُ وَقَالَ: لَمْ تَدْفَعْ لِي شَيْئًا؟ قَالَ: أَنْتَ ضَامِنٌ إلَّا أَنْ تَكُونَ لَكَ بَيِّنَةٌ عَلَى هَذَا الشَّرِيكِ أَنَّهُ قَدْ قَبَضَ مِنْكَ ذَلِكَ الدَّيْنَ أَوْ تِلْكَ الْوَدِيعَةَ، لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي رَجُلٍ دَفَعَ إلَى رَجُلٍ مَالًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى وَكِيلِهِ بِمَوْضِعِ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ هَذَا الْمَبْعُوثُ مَعَهُ الْمَالُ: قَدْ دَفَعْتُ الْمَالَ إلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>