[الْعَفْو عَنْ الزاني والقاذف بَعْد رفع أمرهما إلَى السُّلْطَان]
الزُّنَاةُ يَقُومُ بِهِمْ الْأَجْنَبِيُّ وَالْقَائِمُ عَلَى الْقَاذِفِ بَعْدَ الْعَفْوِ وَالْعَفْوُ إذَا أَرَادَ سَتْرًا
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الزُّنَاةَ مَنْ رَفَعَهُمْ إلَى السُّلْطَانِ، أَيُقِيمُ الْحَدَّ السُّلْطَانُ عَلَيْهِمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ مِثْلُ السَّرِقَةِ، وَأَمَّا الْقَذْفُ فَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَهُ كَذَلِكَ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَقَدْ أَتَى مَالِكًا قَوْمٌ وَأَنَا عِنْدَهُ فِي رَجُلَيْنِ قَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: يَا مُخَنَّثُ. فَأَرَادَ أَنْ يَرْفَعَهُ إلَى السُّلْطَانِ فَطَلَبَ إلَيْهِ حَتَّى عَفَا عَنْهُ، ثُمَّ إنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ شَرٌّ، فَأَرَادَ أَنْ يَرْجِعَ فِيمَا عَفَا عَنْهُ فَأَتَوْا مَالِكًا فَسَأَلُوهُ عَنْهُ فَقَالَ: لَا أَرَى لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِي ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَخْبَرَنِي مِنْ أَثِقُ بِهِ أَنَّهُ سَمِعَ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَقْذِفُ الرَّجُلَ بِالزِّنَا ثُمَّ يَعْفُو عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَنْتَهِيَ بِهِ إلَى الْإِمَامِ ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ. قَالَ: لَيْسَ ذَلِكَ لَهُ قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَنَّ قَوْمًا سَمِعُوا رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا، فَأَتَوْا إلَى الْإِمَامِ فَرَفَعُوا ذَلِكَ إلَيْهِ، لَمْ يَنْبَغِ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْخُذَهُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ صَاحِبُهُ الَّذِي يَطْلُبُهُ بِهِ.
قَالَ مَالِكٌ وَلَوْ أَنَّ الْإِمَامَ سَمِعَ رَجُلًا يَقْذِفُ رَجُلًا بِالزِّنَا وَمَعَهُ مَنْ يُثْبِتُ شَهَادَتَهُ عَلَيْهِ أَقَامَ الْإِمَامُ عَلَيْهِ الْحَدَّ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَسَأَلْنَاهُ غَيْرَ مَرَّةٍ عَنْ الرَّجُلِ يَقْذِفُ الرَّجُلَ بِالزِّنَا، ثُمَّ يُرِيدُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَ السُّلْطَانُ أَلَهُ ذَلِكَ؟ قَالَ: نَعَمْ، وَقَدْ كَانَ يَقُولُهُ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَهُ لِي غَيْرَ مَرَّةٍ، وَإِنْ أَبَى السُّلْطَانُ فَلَهُ أَنْ يَعْفُوَ فِي نَفْسِهِ، وَكَانَ يَأْخُذُ بِقَوْلِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي ذَلِكَ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ رَأْيِهِ فِي ذَلِكَ وَقَالَ: إذَا بَلَغَ السُّلْطَانَ فَلَا عَفْوَ لَهُ إلَّا أَنْ يُرِيدَ بِذَلِكَ سَتْرًا.
[شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ ذِمِّيّ بِالسَّرِقَةِ أيقطع أَمْ لَا]
فِي الَّذِي يَسْرِقُ وَيَزْنِي وَيَنْقُبُ الْبَيْتَ وَيُدْخِلُ يَدَهُ وَيُلْقِي الْمَتَاعَ خَارِجًا ثُمَّ يُؤْخَذُ وَالشَّهَادَةُ عَلَى السَّرِقَةِ وَالشَّفَاعَةُ لِلسَّارِقِ
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدُوا عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ بِالسَّرِقَةِ، أَيَقْطَعُهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: نَعَمْ تُقْطَعُ يَدُهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ السَّرِقَةَ مِنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَتْ مِمَّا يَنْبَغِي أَنْ يُتْرَكَ أَهْلُ الذِّمَّةِ عَلَيْهَا. قَالَ: وَلَيْسَ السَّرِقَةُ فِي أَهْلِ الذِّمَّةِ بِمَنْزِلَةِ شُرْبِ الْخَمْرِ وَالزِّنَا إلَّا أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُقْطَعُ ذِمِّيٌّ وَلَا مُسْلِمٌ سَرَقَ خَمْرًا وَلَا خِنْزِيرًا، وَإِنْ كَانَتْ الْخَمْرُ وَالْخِنْزِيرُ لِذِمِّيٍّ لَمْ يُقْطَعْ فِيهِ ذِمِّيٌّ وَلَا مُسْلِمٌ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الذِّمِّيَّ إذَا زَنَى، أَيُقِيمُ مَالِكٌ عَلَيْهِ الْحَدَّ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يُقِيمُهُ عَلَيْهِ وَأَهْلُ دِينِهِ أَعْلَمُ بِهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَرَادَ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَنْ يَرْجُمُوهُ فِي الزِّنَا، أَيُتْرَكُونَ وَذَلِكَ؟
قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ: يُرَدُّونَ إلَى أَهْلِ دِينِهِمْ، فَأَرَى أَنَّهُمْ يَحْكُمُونَ بِمَا شَاءُوا وَلَا يُمْنَعُونَ مِنْ ذَلِكَ وَيُتْرَكُونَ عَلَى دِينِهِمْ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ نَقَبَ الْبَيْتَ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فَأَخْرَجَ ثَوْبًا، أَيُقْطَعُ أَمْ لَا؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقْطَعُ.
قَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ أَدْخَلَ قَصَبَةً فَأَخْرَجَهُ قُطِعَ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَخَلَ حِرْزًا