عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نِيَارٍ الْأَسْلَمِيِّ عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أَنَّهَا قَالَتْ: خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قِبَلَ بَدْرٍ، فَلَمَّا كَانَ بِحَرَّةِ الْوَبْرَةِ أَدْرَكَهُ رَجُلٌ قَدْ كَانَتْ تُذْكَرُ مِنْهُ جُرْأَةٌ وَنَجْدَةٌ، فَفَرِحَ بِهِ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ حِينَ رَأَوْهُ، فَلَمَّا أَدْرَكَهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ جِئْت لِأَتَّبِعكَ وَأُصِيبَ مَعَكَ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ: «تُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ؟» قَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَتْ عَائِشَةُ: ثُمَّ مَضَى حَتَّى إذَا كَانَ بِالشَّجَرَةِ أَدْرَكَهُ الرَّجُلُ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ، فَقَالَ: لَا، قَالَ: «فَارْجِعْ فَلَنْ أَسْتَعِينَ بِمُشْرِكٍ» قَالَتْ: فَرَجَعَ لَهُ وَأَدْرَكَهُ بِالْبَيْدَاءِ، فَقَالَ لَهُ كَمَا قَالَ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَقَالَ: «أَتُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَرَسُولِهِ» ؟
قَالَ: نَعَمْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " فَانْطَلِقْ ".
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَذَكَرَ جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ: إنَّ الْأَنْصَارَ قَالُوا يَوْمَ أُحُدٍ: أَلَا نَسْتَعِينُ بِحُلَفَائِنَا مِنْ يَهُودَ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا حَاجَةَ لَنَا فِيهِمْ»
[فِي أَمَانِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ]
ِّ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَمَانَ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ هَلْ يَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟
قَالَ: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ أَمَانُ الْمَرْأَةِ جَائِزٌ، وَمَا سَمِعْته يَقُولُ فِي الْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ شَيْئًا أَقُومُ بِحِفْظِهِ وَأَنَا أَرَى أَمَانُهُمَا جَائِزٌ، إلَّا أَنَّهُ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ إذَا كَانَ الصَّبِيُّ يَعْقِلُ الْأَمَانَ سَحْنُونٌ وَقَالَ غَيْرُهُ إنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إنَّمَا قَالَ فِي أُمِّ هَانِئٍ وَفِي زَيْنَبَ: «قَدْ أَمَّنَّا مَنْ أَمَّنْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ» ، وَفِيمَا أَجَازَ مِنْ جِوَارِ زَيْنَبَ أَنَّهُ إنَّمَا كَانَ مِنْ بَعْدِ مَا نَزَلَ الْأَمَانُ، وَقَدْ يَكُونُ الَّذِي كَانَ مِنْ إجَارَتِهِ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ النَّظَرُ وَالْحِيطَةُ لِلدِّينِ وَأَهْلِهِ، وَلَمْ يُجْعَلْ مَا قَالَ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ أَمْرًا يَكُونُ فِي يَدَيْ أَدْنَى الْمُسْلِمِينَ فَيَكُونُ مَا فَعَلَ يَلْزَمُ الْإِمَامَ لَيْسَ لَهُ الْخُرُوجُ مِنْ فِعْلِهِ، وَلَكِنَّ الْإِمَامَ الْمُقَدَّمَ يَنْظُرُ فِيمَا فَعَلَ فَيَكُونُ إلَيْهِ الِاجْتِهَادُ فِي النَّظَرِ لِلْمُسْلِمِينَ.
ابْنُ وَهْبٍ عَنْ إسْمَاعِيلَ بْنِ عَيَّاشٍ قَالَ: سَمِعْت أَشْيَاخَنَا يَقُولُونَ: لَا جِوَارَ لِلصَّبِيِّ وَلَا لِلْمُعَاهَدِ، وَإِنْ أَجَارَا فَالْإِمَامُ مُخَيَّرٌ فَإِنْ أَحَبَّ أَمْضَى جِوَارَهُمَا، وَإِنْ أَحَبَّ رَدَّهُ فَإِنْ أَمْضَى فَهُوَ مَاضٍ وَإِنْ لَمْ يَمْضِهِ فَلْيُبَلِّغْهُ إلَى مَأْمَنِهِ. ابْنُ وَهْبٍ عَنْ الْحَارِثِ بْنِ نَبْهَانَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ قَالَ: كَتَبَ إلَيْنَا عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ فَقُرِئَ عَلَيْنَا كِتَابُهُ إلَى سَعِيدِ بْنِ عَامِرِ بْنِ حُذَيْمٍ وَنَحْنُ مُحَاصِرُو قَيْسَارِيَّةَ: إنَّ مَنْ أَمَّنَهُ مِنْكُمْ حُرًّا وَعَبْدًا مِنْ عَدُوِّكُمْ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ، أَوْ يُقِيمَ فَيَكُونَ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْجِزْيَةِ، وَإِذَا أَمَّنَهُ بَعْضُ مَنْ تَسْتَعِينُونَ بِهِ عَلَى عَدُوِّكُمْ مِنْ أَهْلِ الْكُفْرِ فَهُوَ آمِنٌ حَتَّى تَرُدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ أَوْ يُقِيمَ فِيكُمْ، وَإِنْ نَهَيْتُمْ أَنْ يُؤَمِّنَ أَحَدٌ أَحَدًا فَجَهِلَ أَحَدٌ مِنْكُمْ أَوْ نَسِيَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَوْ عَصَى فَأَمَّنَ أَحَدًا مِنْهُمْ فَلَيْسَ لَكُمْ عَلَيْهِ سَبِيلٌ مِنْ أَجْلِ أَنَّكُمْ نَهَيْتُمُوهُ فَرَدُّوهُ إلَى مَأْمَنِهِ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فِيكُمْ، وَلَا تَحْمِلُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute