الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً، مَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي ذَلِكَ؟
قَالَ: لِلْبَائِعِ أَنْ يَأْخُذَ سِلْعَتَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَلَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى قَوْلِ الْمُبْتَاعِ لِأَنَّ الصَّفْقَةَ وَقَعَتْ فَاسِدَةً إلَّا أَنْ تَفُوتَ بِنَمَاءٍ أَوْ نُقْصَانٍ أَوْ اخْتِلَافِ أَسْوَاقٍ فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ اشْتَرَى ثَمَرَةَ نَخْلٍ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَجَذَّهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا؟
قَالَ: الْبَيْعُ جَائِزٌ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْبَيْعِ شَرْطٌ أَنَّهُ يَتْرُكُهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا.
قُلْتُ: فَإِنْ اشْتَرَاهَا قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَتَرَكَهَا حَتَّى يَبْدُوَ صَلَاحُهَا فَجَدَّهَا مَا عَلَيْهِ؟
قَالَ: عَلَيْهِ قِيمَتُهَا يَوْمَ جَدَّهَا إنْ كَانَ رُطَبًا.
قُلْتُ: وَكَذَلِكَ إنْ تَرَكَهَا حَتَّى صَارَتْ تَمْرًا فَجَدَّهَا؟
قَالَ: إذَا تَرَكَهَا حَتَّى يَصِيرَ تَمْرًا ثُمَّ جَدَّهَا فَعَلَيْهِ مَكِيلَةُ ثَمَرَتِهَا الَّتِي جَدَّهَا وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ: قَالَ يُونُسُ وَقَالَ رَبِيعَةُ: لَا تَجْمَعُ صَفْقَةٌ وَاحِدَةٌ شَيْئَيْنِ يَكُونُ أَحَدُهُمَا حَلَالًا وَالْآخَرُ حَرَامًا، وَمِنْ ذَلِكَ مَا يُدْرَكُ فَيَنْقُصُ وَمِنْ ذَلِكَ مَا يَتَفَاوَتُ فَلَا يُدْرَكُ نَقْصُهُ إلَّا بِظُلْمٍ فَيُتْرَكُ.
قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [البقرة: ٢٧٩] فَكُلُّ بَيْعٍ لَمْ يُدْرَكْ حَتَّى تَفَاوَتَ وَلَا يُسْتَطَاعُ رَدُّهُ إلَّا بِمَظْلِمَةٍ فَقَدْ تَفَاوَتَ رَدُّهُ، وَمَا كَانَ مِنْ أَمْرٍ يُنْقِصُهُ بَيْنَ أَهْلِهِ بِغَيْرِ ظُلْمٍ فَلَمْ يُفْتِ ذَلِكَ فَانْقُضْهُ.
قَالَ ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: وَسَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: الْحَرَامُ الْبَيِّنُ مِنْ الرِّبَا وَغَيْرِهِ يُرَدُّ إلَى أَهْلِهِ أَبَدًا فَاتَ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَمَا كَانَ مِمَّا كَرِهَهُ النَّاسُ فَإِنَّهُ يَنْقُضُ إنْ أُدْرِكَ بِعَيْنِهِ فَإِنْ فَاتَ تُرِكَ.
[اشْتِرَاءُ الْقَصِيلِ وَالْقُرْطِ وَاشْتِرَاط خِلْفَتِهِ]
فِي اشْتِرَاءِ الْقَصِيلِ وَالْقُرْطِ وَاشْتِرَاطِ خِلْفَتِهِ قُلْتُ: مَا يَقُولُ مَالِكٌ فِي اشْتِرَاءِ الْقَصِيلِ أَوْ الْقُرْطِ أَوْ الْقَضْبِ وَاشْتَرَطَ أَنْ يُؤَخِّرَ ذَلِكَ إلَى شَهْرٍ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ حَتَّى يُقْضَبَ وَيَشْتَدَّ ثُمَّ يَقْصِلُهُ، أَوْ اشْتَرَاهُ وَاشْتَرَطَ خِلْفَتَهُ خِلْفَةَ الْقَصِيلِ أَوْ الْقُرْطِ أَوْ الْقَضْبِ؟ .
قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مَا اشْتَرَيْتُ مِنْ الْقَصِيلِ أَوْ الْقَضْبِ أَوْ الْقُرْطِ وَقَدْ بَلَغَ إبَّانًا يَرْعَى فِيهِ أَوْ يَحْصُدُ فَيُعْلَفُ وَلَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ فَسَادٌ، فَلَا أَرَى بِذَلِكَ بَأْسًا أَنْ يَشْتَرِيَ وَيَشْتَرِطَ خِلْفَتَهُ إذَا كَانَتْ الْخِلْفَةُ مَأْمُونَةً إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ أَنْ يَدَعَهُ حَتَّى يَصِيرَ حَبًّا، فَإِنْ اشْتَرَطَ ذَلِكَ فَإِنَّ ذَلِكَ حَرَامٌ لَا يَجُوزُ وَالْبَيْعُ فِيهِ مَفْسُوخٌ، فَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ عَلَيْهِ وَتَرَكَهُ حَتَّى صَارَ حَبًّا فَإِنَّهُ يُنْظَرُ إلَى مَا أُكِلَ مِنْهُ وَإِلَى مَا خَرَجَ حَبًّا فَيُحْسَبُ كَمْ قَدْرُ ذَلِكَ مِنْهُ ثُمَّ يُرَدُّ عَلَى صَاحِبِهِ وَيَأْخُذُ مِنْ الثَّمَنِ مِنْ الْبَائِعِ بِقَدْرِ ذَلِكَ.
قَالَ: وَتَفْسِيرُ مَا قَالَ لِي مَالِكٌ فِي ذَلِكَ: أَنَّ الرَّجُلَ إذَا اشْتَرَى وَاشْتَرَطَ خِلْفَتَهُ فَأَكَلَ رَأْسَهُ وَغَلَبَتْهُ الْخِلْفَةُ بِالْحَبِّ أَنَّهُ لَا يَنْظُرُ إلَى الثَّمَنِ، وَلَكِنْ يَنْظُرُ كَمْ قِيمَةُ الرَّأْسِ الْأَوَّلِ فِي زَمَانِهِ وَتَشَاحِّ النَّاسِ فِيهِ،