[الْمُقَارَضَةُ بِنَقْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ النَّقْرَ الْفِضَّةَ وَالذَّهَبَ أَيَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا؟ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْهَا، وَذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا، أَخْبَرَنَا أَنَّ مَالِكًا سَهَّلَ فِيهَا، وَكَانَ اللَّيْثُ يَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِهَا وَكَانَ يَكْرَهَهُ كَرَاهِيَةً شَدِيدَةً وَيَقُولُ: لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ إلَّا بِالدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ، فَسَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ ذَلِكَ، فَقَالَ لِي مَالِكٌ: لَا يَجُوزُ الْقِرَاضُ بِنَقْرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
[الْمُقَارَضَةُ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقِرَاضَ بِالْحِنْطَةِ وَالشَّعِيرِ، أَيَجُوزُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟ قَالَ: لَا. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَهِلَا فَأَخَذَا حِنْطَةً قَرْضًا فَبَاعَهَا وَعَمِلَ فَرَبِحَ قَالَ: يُعْطَى أَجْرَ مِثْلِهِ فِي بَيْعِهِ الْحِنْطَةَ، وَيُرَدُّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ يَوْمَ يَنُضُّ الْمَالُ فِيمَا عَمِلَ بَعْدَ ذَلِكَ. قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ شَرَطَ لَهُ نِصْفَ الرِّبْحِ قَالَ: لَا يُنْظَرُ إلَى ذَلِكَ، وَلَكِنْ يُرَدُّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ. قُلْتُ: لِمَ؟ قَالَ: لِأَنَّ أَصْلَهُ كَانَ فَاسِدًا.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقِرَاضَ بِمَا يُوزَنُ وَيُكَالُ، لِمَ كَرِهْتَ ذَلِكَ؟ قَالَ: لِأَنَّهُ خَطَرٌ يَأْخُذُ الْحِنْطَةَ أَوْ الشَّعِيرَ، وَقِيمَتُهُ يَوْمَ أَخَذَهُ مِائَةُ دِرْهَمٍ، فَيَعْمَلُ بِهِ فَتَصِيرُ قِيمَتُهُ يَوْمَ يَرُدَّهُ أَلْفَ دِرْهَمٍ، فَيَغْتَرِقُ رِبْحُهُ أَوْ تَكُونُ قِيمَتُهَا حِينَ يَرُدَّهَا خَمْسِينَ دِرْهَمًا فَيَكُونُ قَدْ رَبِحَ فِيهَا. وَقَالَ ابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَأَنَسُ بْنُ عِيَاضٍ، قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ: الْقِرَاضُ لَا يَكُونُ إلَّا فِي الْعَيْنِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُقَارِضَ أَحَدًا مَالًا عَلَى كَذَا وَكَذَا مِنْ الرِّبْحِ، وَزِيَادَةِ كَذَا وَكَذَا مِنْ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ، أَوْ بِشَيْءٍ مُسَمًّى، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الزِّيَادَاتِ قَالَ: عَبْدُ الْعَزِيزِ: وَلَا تَشْتَرِطْ أَيُّهَا الْمُقَارِضُ الَّذِي لَكَ الْمَالُ، أَنَّك تُعِينُهُ بِنَفْسِكَ، وَلَا تَبِعْ مَعَهُ وَلَا تَبْتَعْ مِنْهُ وَلَا تُعِينُهُ بِغُلَامٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ الدَّرَاهِمِ تُزِيدُهُ إيَّاهَا مَعَ مَا سَمَّى لَكَ مِنْ الرِّبْحِ، وَلَا تَخْلِطَنَّ مَالَ الْقِرَاضِ بِغَيْرِهِ. وَلَيْسَ الْقِرَاضُ بِأَنْ تَدْفَعَ إلَى صَاحِبِكَ سِلْعَةً أَوْ غَيْرَهَا مَا كَانَتْ، ثُمَّ تُسَمِّي لَهُ مَا قَامَ بِهِ عَلَيْكَ، وَتَقُولُ مَا كَانَ فِيهِ مِنْ رِبْحٍ بَعْدَ ذَلِكَ فَهُوَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ. وَلَيْسَ هَذَا الْقِرَاضَ، وَلَكِنَّ هَذَا بَابٌ مِنْ الْإِجَارَةِ لَا يَصْلُحُ. قَالَ: وَتَفْسِيرُهُ: أَنَّكَ كَأَنَّكَ اسْتَأْجَرْتَهُ يَبِيعَ لَكَ سِلْعَتَكَ، وَلَهُ نِصْفُ مَا كَانَ فِيهَا مِنْ الرِّبْحِ، فَإِنْ لَمْ يَرْبَحْ ذَهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا، وَمَوْضِعُ الْحَقِّ مِنْ ذَلِكَ، إذَا كَانَ يَحْسِبُ لَهُ مَنْ يُبْصِرُ لَهُ ذَلِكَ أَجَرَهُ بِقَدْرِ مَا عَمِلَ، وَيَكُونُ مَا كَانَ فِي سِلْعَتِكَ مِنْ رِبْحٍ أَوْ نُقْصَانٍ لَكَ وَعَلَيْكَ.
[الْقِرَاضُ الْوَدِيعَةِ وَالدَّيْنِ]
ِ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ كَانَ لِي عِنْدَ رَجُلٍ وَدِيعَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: اعْمَلْ بِهَا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، أَيَجُوزُ هَذَا؟ قَالَ: قَالَ لِي مَالِكٌ، فِي الْمَالِ إذَا كَانَ دَيْنًا عَلَى رَجُلٍ، فَقَالَ لَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute