للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَتْقَاءُ؟ قَالَ: يُقَامُ الْحَدُّ وَلَا يُلْتَفَتُ إلَى قَوْلِهِنَّ لِأَنَّ الْحَدَّ قَدْ وَجَبَ. قَالَ: وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي الْجَارِيَةِ الْبِكْرِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ فَتَقُولُ: قَدْ مَسَّنِي وَيَقُولُ: لَمْ أَمَسَّهَا. وَيَشْهَدُ النِّسَاءُ أَنَّهَا بِكْرٌ؟ قَالَ مَالِكٌ: إذَا أُرْخِيَتْ عَلَيْهِمَا السُّتُورُ صُدِّقَتْ عَلَيْهِ، وَلَمْ تَكْشِفْ الْحَرَائِرُ عَنْ مِثْلِ هَذَا، وَلَا تُرَى الْحُرَّةُ فِي مِثْلِ هَذَا.

قُلْتُ: وَلَا يَرَى مَالِكٌ أَنْ يَدْفَعَ حَدًّا قَدْ وَجَبَ بِشَهَادَةِ النِّسَاءِ إذَا كَانَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مِمَّا تَجُوزُ شَهَادَةُ النِّسَاءِ فِيهِ، وَهُنَّ لَمْ يَشْهَدْنَ عَلَى حَدٍّ إنَّمَا شَهِدْنَ عَلَى أَنَّهَا بِكْرٌ أَوْ رَتْقَاءُ، وَهَذَا مِمَّا لَا يَشْهَدُ عَلَيْهِ إلَّا النِّسَاءُ. وَهَلْ يَشْهَدُ هَهُنَا غَيْرُهُنَّ؟ فَكَيْفَ يُقِيمُ الْحَدَّ وَشَهَادَةُ النِّسَاءِ هَهُنَا فِيمَا تَجُوزُ شَهَادَتُهُنَّ فِيهِ تُبْطِلُ الْحَدَّ؟

قَالَ: لَا أَعْرِفُ أَنَّ شَهَادَتَهُنَّ تَجُوزُ هُنَا.

[شُهِدَ عَلَيْهَا بِالزِّنَا فَادَّعَتْ الْحَمْلَ وَزَوْجُهَا غَائِبٌ]

ٌ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَرْبَعَةً شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِالزِّنَا فَقَالُوا: نَشْهَدُ أَنَّهَا زَنَتْ مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ، وَقَدْ غَابَ زَوْجُهَا مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَقَالَتْ: أَنَا حَامِلٌ. وَشَهِدَ النِّسَاءُ أَنَّهَا حَامِلٌ. فَأَخَّرَهَا الْإِمَامُ حَتَّى وَضَعَتْ مَا فِي بَطْنِهَا ثُمَّ رَجَمَهَا، فَقَدِمَ زَوْجُهَا فَانْتَفَى مَنْ وَلَدِهَا، أَيَكُونُ ذَلِكَ لَهُ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: إنْ كَانَتْ هِيَ قَدْ قَالَتْ قَبْلَ أَنْ تُرْجَمَ إنَّ الْوَلَدَ لَيْسَ لِلزَّوْجِ صَدَقَ الزَّوْجُ عِنْدَ ذَلِكَ وَدَفَعَ الْوَلَدَ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ لِعَانٍ إذَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ قَدْ كَانَ اسْتَبْرَأَنِي قَبْلَ أَنْ أَحْمِلَ بِهَذَا الْحَمْلِ، وَإِنَّمَا هَذَا الْحَمْلُ مِنْ غَيْرِهِ، لِأَنَّهُ كَفَّ عَنِّي وَحِضْتُ حَيْضَةً وَادَّعَى الزَّوْجُ مِثْلَ مَا قَالَتْ الْمَرْأَةُ، فَهَذَا الْوَلَدُ يَدْفَعُهُ الزَّوْجُ عَنْ نَفْسِهِ بِغَيْرِ لِعَانٍ. فَإِنْ لَمْ تَقُلْ الْمَرْأَةُ قَبْلَ مَوْتِهَا مَا ذَكَرْتُ لَكَ مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ، أَوْ ادَّعَى الزَّوْجُ الِاسْتِبْرَاءَ أَوْ نَفَاهُ، فَلَا بُدَّ لِلزَّوْجِ مِنْ اللِّعَانِ لِيَنْفِيَ بِهِ الْوَلَدَ عَنْ نَفْسِهِ، وَلَا يَنْفِيهِ هَهُنَا إلَّا بِاللِّعَانِ لِأَنَّ مَالِكًا سُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيَظْهَرُ بِهَا حَمْلٌ قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا فَيَقُولُ الزَّوْجُ: لَيْسَ مِنِّي وَتُصَدِّقُهُ بِأَنَّهَا زَنَتْ وَأَنَّهُ لَمْ يَطَأْهَا.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا لِعَانَ بَيْنَهُمَا وَلَا يُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ وَيُقَامُ عَلَيْهَا الْحَدُّ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا جُلِدَتْ الْحَدَّ وَكَانَتْ امْرَأَتَهُ وَلَمْ يَكُنْ الْوَلَدُ وَلَدَهُ وَهِيَ امْرَأَتُهُ، إنْ شَاءَ طَلَّقَ وَإِنْ شَاءَ أَمْسَكَ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ قَدِمَ الزَّوْجُ فِي مَسْأَلَتِي الَّتِي سَأَلْتُك عَنْهَا وَقَدْ رُجِمَتْ الْمَرْأَةُ وَلَمْ تَقُلْ شَيْئًا، فَقَالَ الزَّوْجُ: لَيْسَ الْوَلَدُ وَلَدِي وَلَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ؟

قَالَ: يَلْتَعِنُ وَيَنْفِي الْوَلَدَ.

قُلْتُ: أَوَلَيْسَ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ إنَّ مَنْ لَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ فَنَفَى الْوَلَدَ ضُرِبَ الْحَدَّ وَأُلْحِقَ بِهِ الْوَلَدُ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنْ قَالَ لِي مَالِكٌ: إذَا رَأَى الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَزْنِي وَإِنْ كَانَ فِي ذَلِكَ يَطَؤُهَا، لَاعَنَ وَنَفَى الْوَلَدَ عَنْهُ وَلَمْ يَضُرَّهُ مَا أَقَرَّ بِهِ مِنْ الْوَطْءِ قَبْلَ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَطَأَهَا بَعْدَ الرُّؤْيَةِ، فَإِنَّهُ إنْ وَطِئَ بَعْدَ الرُّؤْيَةِ أُكْذِبَ قَوْلُهُ وَجُلِدَ الْحَدَّ وَيُلْحَقُ بِهِ الْوَلَدُ.

قُلْتُ: فَإِنْ كَانَتْ حَامِلًا مِنْ زَوْجِهَا، فَكَانَتْ فِي تِسْعَةِ أَشْهُرٍ ثُمَّ زَنَتْ فَقَالَ: رَأَيْتهَا الْيَوْمَ تَزْنِي وَمَا جَامَعْتُهَا مُنْذُ رَأَيْتهَا تَزْنِي؟ قَالَ: يَلْتَعِنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>