للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَهِيَ تُرْضِعُ وَلَيْسَتْ بِحَامِلٍ؛ لِأَنَّ النَّاسَ قَالُوا إنَّمَا الْغِيلَةُ أَنْ يُغْتَالَ الصَّبِيُّ بِلَبَنٍ قَدْ حَمَلَتْ بِهِ أُمُّهُ عَلَيْهِ فَيَكُونَ إذَا أَرْضَعَتْهُ بِذَلِكَ اللَّبَنِ قَدْ اغْتَالَهُ.

قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ هَذَا هُوَ، إنَّمَا تَفْسِيرُ حَدِيثِ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - أَنْ تُرْضِعَهُ وَزَوْجُهَا يَطَؤُهَا، وَلَا حَبَلَ بِهَا؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ يُغِيلُ اللَّبَنَ.

قُلْتُ: أَفَيَكْرَهُهُ مَالِكٌ؟

قَالَ: لَا، أَلَا تَرَى أَنَّ النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - قَالَ: «لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَنْهَى عَنْهُ ثُمَّ ذَكَرْتُ الرُّومَ وَفَارِسَ تَفْعَلُهُ» فَلَمْ يَنْهَ عَنْهُ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -

[رَضَاعِ الْكَبِيرِ]

مَا جَاءَ فِي رَضَاعِ الْكَبِيرِ

قُلْتُ: هَلْ يَرَى مَالِكٌ رَضَاعَ الْكَبِيرِ يُحَرِّمُ شَيْئًا أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصَّبِيَّ إذَا فُصِلَ، فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بِلَبَنِهَا بَعْدَمَا فُصِلَ، أَيَكُونُ هَذَا رَضَاعًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الرَّضَاعُ حَوْلَانِ وَشَهْرٌ أَوْ شَهْرَانِ بَعْدَ ذَلِكَ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ تَفْصِلُهُ أُمُّهُ وَأَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ سِنِينَ، فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ وَالْأُمُّ تُرْضِعُهُ لَمْ تَفْصِلْهُ بَعْدُ؟

قَالَ مَالِكٌ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ رَضَاعًا وَلَا يُلْتَفَتُ فِي هَذَا إلَى رَضَاعِ أُمِّهِ، إنَّمَا يُنْظَرُ فِي هَذَا إلَى الْحَوْلَيْنِ وَشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ بَعْدَهُمَا، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ أَنَّ أُمَّهُ أَرْضَعَتْهُ ثَلَاثَ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعَ سِنِينَ أَكَانَ يَكُونُ مَا كَانَ مِنْ رَضَاعِ غَيْرِهَا هَذَا الصَّبِيَّ بَعْدَ ثَلَاثِ سِنِينَ أَوْ أَرْبَعِ سِنِينَ رَضَاعًا لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ؟

قَالَ: وَلَكِنْ لَوْ أَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ فِي الْحَوْلَيْنِ وَالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ لَحَرَّمَ بِذَلِكَ كَمَا لَوْ أَرْضَعَتْهُ أُمُّهُ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ فَصَلَتْهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ أَرْضَعَتْهُ سَنَةً ثُمَّ فَصَلَتْهُ، فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ قَبْلَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ وَهُوَ فَطِيمٌ، أَيَكُونُ ذَلِكَ رَضَاعًا أَمْ لَا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ رَضَاعًا إذَا فَصَلَتْهُ قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ وَانْقَطَعَ رَضَاعُهُ وَاسْتَغْنَى عَنْ الرَّضَاعِ، فَلَا يَكُونُ مَا أُرْضِعَ بَعْدَ ذَلِكَ رَضَاعًا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إذَا فَصَلَتْهُ أُمُّهُ بَعْدَ تَمَامِ الْحَوْلَيْنِ فَأَرْضَعَتْهُ امْرَأَةٌ بَعْدَ الْفِصَالِ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ، أَيَكُونُ ذَلِكَ رَضَاعًا أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا كَانَ مِنْ رَضَاعٍ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِالْيَوْمِ وَالْيَوْمَيْنِ وَمَا أَشْبَهَهُ مِمَّا لَمْ يَسْتَغْنِ فِيهِ بِالطَّعَامِ عَنْ الرَّضَاعِ حَتَّى جَاءَتْ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُ، فَأَرَاهُ رَضَاعًا؛ لِأَنَّ مَالِكًا قَدْ رَأَى الشَّهْرَ وَالشَّهْرَيْنِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ رَضَاعًا إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَامَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أَيَّامًا كَثِيرَةً مَفْطُومًا وَاسْتَغْنَى عَنْ اللَّبَنِ وَعَاشَ بِالطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَأَخَذَتْهُ امْرَأَةٌ فَأَرْضَعَتْهُ فَلَا يَكُونُ هَذَا رَضَاعًا؛ لِأَنَّ عَيْشَهُ قَدْ تَحَوَّلَ عَنْ اللَّبَنِ وَصَارَ عَيْشُهُ فِي الطَّعَامِ.

قُلْتُ: أَلَيْسَ قَدْ قَالَ مَالِكٌ: مَا كَانَ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِشَهْرٍ أَوْ شَهْرَيْنِ فَهُوَ رَضَاعٌ؟

قَالَ: إنَّمَا قَالَ ذَلِكَ فِي الصَّبِيِّ إذَا وُصِلَ رَضَاعُهُ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ بِالشَّهْرِ وَالشَّهْرَيْنِ وَلَمْ يُفْصَلْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَأَرَى إذَا فُصِلَ الْيَوْمَ وَالْيَوْمَيْنِ ثُمَّ أُعِيدَ إلَى اللَّبَنِ فَهُوَ رَضَاعٌ.

قُلْتُ: فَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَى اللَّبَنِ، وَلَكِنَّ امْرَأَةً أَتَتْ فَأَرْضَعَتْهُ مَصَّةً أَوْ مَصَّتَيْنِ وَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>