للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُلُودُ الْمَيْتَةِ؟

قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ مَالِكًا قَالَ: لَا يُبَاعُ كَلْبُ زَرْعٍ وَلَا كَلْبُ مَاشِيَةٍ وَلَا كَلْبُ صَيْدٍ وَلَا يَحِلُّ ثَمَنُهَا، وَمَنْ قَتَلَهَا كَانَ عَلَيْهِ قِيمَتُهَا، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ فِي الْكِلَابِ، فَجُلُودُ الْمَيْتَةِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ.

قُلْتُ: أَكَانَ مَالِكٌ يَكْرَهُ الصَّلَاةَ فِي جُلُودِ الْمَيْتَةِ وَعَلَيْهَا وَبَيْعَهَا وَإِنْ دُبِغَتْ؟

قَالَ: نَعَمْ. وَلَا تُلْبَسُ وَإِنْ دُبِغَتْ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي قَوْلِ مَالِكٍ، لَا تُلْبَسُ وَإِنْ دُبِغَتْ.

قَالَ: وَلَكِنْ يُقْعَدُ عَلَيْهَا إذَا دُبِغَتْ وَتُفْرَشُ وَتُمْتَهَنُ لِلْمَنَافِعِ، وَلَا يُصَلَّى عَلَيْهَا وَلَا تُلْبَسُ.

قَالَ: فَقُلْتُ لِمَالِكٍ: أَفَيُسْتَقَى بِهَا؟ فَقَالَ: أَمَّا أَنَا، فَإِنِّي أَتَّقِيهَا فِي خَاصَّةِ نَفْسِي، وَمَا أُحِبُّ أَنْ أُضَيِّقَ عَلَى النَّاسِ، وَغَيْرُهَا أَعْجَبُ إلَيَّ مِنْهَا.

قَالَ: وَلَا يُؤْكَلُ ثَمَنُهَا وَإِنْ دُبِغَتْ.

قُلْتُ: فَجُلُودُ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ، أَيَحِلُّ بَيْعُهَا إذَا دُبِغَتْ أَوْ قَبْلَ أَنْ تُدْبَغَ؟

قَالَ: بَلَغَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ فِي جُلُودِ السِّبَاعِ إذَا ذُكِّيَتْ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، فَإِذَا قَالَ: لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهَا، فَلَا بَأْسَ بِلُبْسِهَا وَلَا بَأْسَ بِبَيْعِهَا.

قُلْتُ: فَهَلْ كَانَ مَالِكٌ يُوَقِّتُ فِي أَثْمَانِ الْكِلَابِ فِي كَلْبِ الزَّرْعِ فِرْقٌ مِنْ طَعَامٍ، وَفِي كَلْبِ الْمَاشِيَةِ شَاةٌ مِنْ الضَّأْنِ وَفِي كَلْبِ الصَّيْدِ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا؟

قَالَ: لَا، لَمْ يَكُنْ يُوَقِّتُ هَذَا، وَلَكِنْ كَانَ يَقُولُ: عَلَى قَاتِلِهِ قِيمَتُهُ.

[فِي الْغَاصِبِ يَكُونُ مُحَارِبًا]

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْغَاصِبَ، هَلْ يَكُونُ مُحَارِبًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَيْسَ كُلُّ غَاصِبٍ يَكُونُ مُحَارِبًا. أَرَأَيْتَ السُّلْطَانَ إذَا غَصَبَ رَجُلًا مَتَاعًا أَوْ دَارًا، أَيَكُونُ هَذَا مُحَارِبًا؟

قَالَ: لَا يَكُونُ هَذَا مُحَارِبًا فِي قَوْلِ مَالِكٍ، إنَّمَا الْمُحَارِبُ مَنْ قَطَعَ الطَّرِيقَ أَوْ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ فِي حَرِيمِهِ، فَدَافَعَهُ عَلَى شَيْئِهِ فَكَابَرَهُ، فَهَذَا الْمُحَارِبُ. أَوْ لَقِيَهُ بِالطَّرِيقِ فَضَرَبَهُ أَوْ دَفَعَهُ عَنْ شَيْئِهِ بِعَصًا أَوْ بِسَيْفٍ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ، فَهَؤُلَاءِ الْمُحَارِبُونَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ لِلنَّاسِ وَتَرَكَ دَنَانِيرَ وَدَرَاهِمَ، فَأَتَى قَوْمٌ فَشَهِدُوا لِرَجُلٍ أَنَّهُ اغْتَصَبَ مِنْهُ هَذِهِ الدَّنَانِيرَ أَوْ هَذِهِ الدَّرَاهِمَ بِأَعْيَانِهَا مِنْ هَذَا الرَّجُلَ، أَيَكُونُ أَحَقَّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ؟

قَالَ: إنْ عَرَفُوهَا بِأَعْيَانِهَا وَشَهِدُوا عَلَيْهَا، فَهُوَ أَحَقُّ بِهَا مِنْ الْغُرَمَاءِ فِي رَأْيِي.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ أَنَّ رَجُلًا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً، فَاسْتَوْدَعَهَا رَجُلًا فَتَلِفَتْ عِنْدَهُ، فَأَتَى رَبُّهَا فَاسْتَحَقَّهَا، أَيَكُونُ لَهُ عَلَى الْمُسْتَوْدِعِ شَيْءٌ أَمْ لَا فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ تَتْلَفَ مِنْ فِعْلِهِ.

[مَنْعُ الْإِمَامِ النَّاسَ الْحَرَسَ إلَّا بِإِذْنٍ]

ٍ وَاَلَّذِي يَغْتَصِبُ الثَّوْبَ فَيَجْعَلُهُ ظِهَارَةً أَوْ الْخَشَبَةَ أَوْ الْحَجَرَ فَيَجْعَلُهَا فِي بُنْيَانِهِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قُلْتُ لِمَالِكٍ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، إنَّا نَكُونُ فِي ثُغُورِنَا بِالْإِسْكَنْدَرِيَّةِ، فَيَقُولُونَ لَنَا: إنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ: لَا تَحْرُسُوا إلَّا بِإِذْنٍ.

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَيَقُولُ أَيْضًا لَا تُصَلُّوا إلَّا بِإِذْنٍ، أَيْ لَيْسَ قَوْلُهُ هَذَا بِشَيْءٍ وَلْيَحْرُسْ النَّاسُ وَلَا يَلْتَفِتُوا إلَى قَوْلِهِ هَذَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ لَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>