للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الْمُقَارَضِ يُدْفَعُ إلَيْهِ الْمَالُ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ بِهِ عَبْدَ فُلَانٍ ثُمَّ يَبِيعَهُ]

ُ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ دَفَعْت إلَى رَجُلٍ مَالًا قِرَاضًا عَلَى النِّصْفِ، عَلَى أَنْ يَشْتَرِيَ عَبْدَ فُلَانٍ، ثُمَّ يَشْتَرِيَ بَعْد مَا يَبِيعُ عَبْدَ فُلَانٍ مَا شَاءَ بِثَمَنِهِ مِنْ السِّلَعِ؟ قَالَ: أَمَّا قَوْلُهُ: يَشْتَرِي عَبْدَ فُلَانٍ، فَهَذِهِ أُجْرَةٌ لَيْسَ فِيهَا قِرَاضٌ عِنْد مَالِكٍ. وَأَمَّا مَا كَانَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَهُوَ قِرَاضٌ بِمَنْزِلَةِ الرَّجُلِ يُقَارِضُ الرَّجُلَ بِالْعَرَضِ يَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ فِي بَيْعِهِ الْعُرُوضَ وَتَقَاضِيهِ الثَّمَنَ، ثُمَّ يَكُونُ بَعْد ذَلِكَ فِيمَا عَمِلَ عَلَى قِرَاضِ مِثْلِهِ، وَلَا يَلْتَفِتُ إلَى مَا شَرَطَا مِنْ الشَّرْطِ فِيمَا بَيْنَهُمَا نِصْفًا وَلَا ثُلُثًا وَلَا غَيْرَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُقْدَةَ الَّتِي كَانَ بِهَا الْقِرَاضُ كَانَتْ فَاسِدَةً؛ لِأَنَّهُ لَا يُقَارَضُ بِالْعُرُوضِ، فَلِذَلِكَ رُدَّ إلَى قِرَاضِ مِثْلِهِمَا، وَلَمْ يَلْتَفِتْ إلَى مَا اشْتَرَطَا فِيمَا بَيْنَهُمَا وَجَعَلَ لَهُ فِيمَا بَاعَ أَجْرَ مِثْلِهِ، فَكَذَلِكَ مَسْأَلَتُكَ. وَلَقَدْ سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ فِي الرَّجُلِ يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ نَخْلًا مُسَاقَاةً وَفِيهَا ثَمَرَتُهَا قَدْ طَابَتْ، عَلَى أَنْ يَسْقِيَهَا فَتَكُونَ فِي يَدَيْ الْعَامِلِ سِنِينَ مُسَاقَاةً، عَلَى أَنَّ هَذَا الثَّمَرَ الَّذِي فِي رُءُوسِ النَّخْلِ مُسَاقَاةٌ بَيْنَهُمَا. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُقَامُ لِلْعَامِلِ قِيمَةُ مَا أَنْفَقَ فِي هَذِهِ الثَّمَرَةِ وَأَجْرُ عَمَلِهِ فِيهَا، وَتَكُونُ الثَّمَرَةُ كُلُّهَا لِصَاحِبِهَا. قَالَ: فَقِيلَ لِمَالِكٍ: أَيَكُونُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إنْ عَمِلَ؟ قَالَ مَالِكٌ: لَا، وَلَكِنْ يَكُونُ عَلَى مُسَاقَاةِ مِثْلِهِ فِيمَا بَعْدَ ذَلِكَ. قَالَ سَحْنُونٌ: وَقَدْ أَخْبَرْتُكَ بِالشَّرْطِ الَّذِي كَرِهَهُ الْقَاسِمُ وَسَالِمٌ وَرَبِيعَةُ، فَهَذَا مِنْ تِلْكَ الشُّرُوطِ.

[الْمُقَارَضِ يَقُولُ لِلْعَامِلِ اشْتَرِ وَأَنَا أَنْقُدُ عَنْكَ أَوْ يَضُمُّ مَعَهُ رَجُلًا يُبْصِرُهُ بِالتِّجَارَةِ]

ِ قُلْتُ: هَلْ يَجُوزُ لِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَحْبِسَهُ عِنْدَهُ وَيَقُولَ لِلْعَامِلِ: اذْهَبْ وَاشْتَرِ، وَأَنَا أَنْقُدُ عَنْكَ وَاقْبِضْ أَنْتَ السِّلَعَ، فَإِذَا بِعْتُ قَبَضْتُ الثَّمَنَ، وَإِذَا اشْتَرَيْت نَقَدْتُ الثَّمَنَ؟ قَالَ: لَا يَجُوزُ هَذَا الْقِرَاضُ عِنْدَ مَالِكٍ، وَإِنَّمَا الْقِرَاضُ عِنْدَ مَالِكٍ أَنْ يُسَلِّمَ الْمَالَ إلَيْهِ قَالَ: وَقَالَ لِي مَالِكٌ: وَلَوْ ضَمَّ إلَيْهِ رَجُلًا جَعَلَهُ يَقْتَضِي الْمَالَ وَيَنْقُدُ، وَالْعَامِلُ يَشْتَرِي وَيَبِيعُ وَلَا يَأْمَنُ الْعَامِلَ وَجَعَلَ هَذَا أَمِينًا. قَالَ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا وَلَقَدْ سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ الرَّجُلِ يَدْفَعُ الْمَالَ قِرَاضًا إلَى رَجُلٍ لَهُ أَمَانَةٌ وَبَصَرٌ، وَيَضُمُّ ابْنَهُ مَعَهُ وَلَا بَصَرَ لِابْنِهِ وَلَا أَمَانَةَ، وَإِنَّمَا يَدْفَعُ إلَى الرَّجُلِ الْمَالَ، لَأَنْ يَضُمَّ ابْنَهُ إلَيْهِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَدْفَعْ إلَيْهِ قِرَاضًا؛ لِأَنَّ ابْنَهُ لَا بَصَرَ عِنْدَهُ وَلَا يَأْمَنُ ابْنَهُ؟ قَالَ: فَقَالَ مَالِكٌ: لَا خَيْرَ فِي هَذَا الْقِرَاضِ. قَالَ: وَإِنَّمَا كَرِهَهُ مَالِكٌ؛ لِأَنَّ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ الْمَنْفَعَةَ، يُخْرِجُ لَهُ ابْنَهُ وَيُعَلِّمُهُ قُلْتُ: فَإِنْ كَانَ مَكَانَ ابْنِهِ رَجُلٌ أَجْنَبِيٌّ لَيْسَ قِبَلَهُ بَصَرٌ بِالتِّجَارَةِ، فَجَعَلَهُ رَبُّ الْمَالِ مَكَانَ ابْنِهِ؟ قَالَ: فَإِنِّي لَمْ أَسْمَعْ مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا إلَّا مَا أَخْبَرْتُكَ، فَإِنْ كَانَ لِرَبِّ الْمَالِ فِيهِ الْمَنْفَعَةُ مِثْلَ مَا كَانَتْ فِي ابْنِهِ، أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>