للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَمِينُهُ.

قُلْت: الْقِصَاصُ، هَلْ فِيهِ كَفَالَةٌ - فِي قَوْلِ مَالِكٍ - أَوْ الْحُدُودُ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: لَا كَفَالَةَ فِي الْحُدُودِ وَلَا فِي الْقِصَاصِ.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ أَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ يَوْمَ الْخَمِيسِ: يَا زَانِي. وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ قَالَ لِفُلَانٍ - ذَلِكَ الرَّجُلِ - يَوْمَ الْجُمُعَةِ: يَا زَانِي. قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: يُحَدُّ، لِأَنَّ الشَّهَادَةَ هَهُنَا إنَّمَا هِيَ وَاحِدَةٌ لَمْ تَخْتَلِفْ شَهَادَةُ هَذَيْنِ لِأَنَّهُ كَلَامٌ. قُلْت: وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: وَكَذَلِكَ الطَّلَاقُ وَالْعَتَاقُ هُوَ مِثْلُ ذَلِكَ مَا لَمْ يَكُنْ فِي يَمِينٍ، فَإِنْ كَانَتْ فِي يَمِينٍ فِي شَهَادَةٍ فَاتَّفَقَتْ الشَّهَادَةُ وَاخْتَلَفَتْ الْأَيَّامُ، مِثْلَ مَا يَقُولُ: إنْ دَخَلَتْ دَارَ فُلَانٍ فَهِيَ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ. فَشَهِدَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ رَجُلٌ يَوْمَ السَّبْتِ، وَشَهِدَ عَلَيْهِ آخَرُ يَوْمَ الِاثْنَيْنِ أَنَّهُ حَلِفَ بِتِلْكَ الْيَمِينِ فَإِنَّهُ إنْ حَنِثَ طَلُقَتْ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِمَا.

قَالَ: وَقَالَ مَالِكٌ: وَلَوْ شَهِدَ عَلَيْهِ رَجُلٌ أَنَّهُ طَلَّقَ عِنْدَهُ امْرَأَتَهُ فِي رَجَبٍ، وَآخَرَ فِي رَمَضَانَ، طَلُقَتْ عَلَيْهِ. وَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ أَنَّهُ حَلَفَ إنْ دَخَلَ دَارَ فُلَانٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ، وَشَهِدَ الْآخَرُ أَنَّهُ حَلَفَ إنْ رَكِبَ دَابَّةَ فُلَانٍ فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ أَلْبَتَّةَ فَشَهِدَ عَلَيْهِ شُهُودٌ أَنَّهُ دَخَلَ الدَّارَ وَرَكِبَ الدَّابَّةَ. قَالَ مَالِكٌ: لَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ، وَكَذَلِكَ الْعِتْقُ هُوَ مِثْلُ ذَلِكَ سَوَاءٌ.

قُلْت: أَرَأَيْت إنْ شَهِدَ شَاهِدٌ عَلَى رَجُلٍ أَنَّهُ شَجَّ فُلَانًا مُوضِحَةً، وَشَهِدَ آخَرُ عَلَيْهِ أَنَّهُ شَجَّهُ مُوضِحَةً؟ قَالَ: يَقْضِي بِشَهَادَتِهِمَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ هَهُنَا وَالْفِعْلَ إنَّمَا هُوَ شَيْءٌ وَاحِدٌ، وَلَكِنْ لَوْ اخْتَلَفَ الْفِعْلُ وَالْإِقْرَارُ لَمْ يَقْضِ بِشَهَادَتِهِمَا. لَوْ قَالَ هَذَا: أَشْهَدُ أَنَّهُ ذَبَحَ فُلَانًا ذَبْحًا. وَقَالَ الْآخَرُ: أَشْهَدُ أَنَّهُ أَقَرَّ عِنْدِي أَنَّهُ أَحْرَقَهُ بِالنَّارِ. وَرَأَيْتُ الشَّهَادَةَ بَاطِلًا، وَإِنَّمَا إقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ شَهَادَةٌ، بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ عَايَنَ الشُّهُودُ ذَلِكَ، فَلَمَّا أَقَرَّ بِهِ أَوْ شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى إقْرَارِهِ بِذَلِكَ فَوَافَقَ الْإِقْرَارُ الشَّاهِدَ الَّذِي شَهِدَ عَلَى الْفِعْلِ، فَذَلِكَ الَّذِي يُؤْخَذُ بِهِ وَمَا اخْتَلَفَ مِنْ ذَلِكَ مِثْلَ مَا لَوْ اخْتَلَفَتْ الْبَيِّنَةُ نَفْسُهَا فَأَبْطَلْتُهَا، كَانَ ذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ وَالْبَيِّنَةِ بَاطِلًا أَيْضًا، وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي الْبَيِّنَةِ وَالْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَاتِ وَهُوَ رَأْيِي.

[صِفَةُ ضَرْبِ الْحُدُودِ وَالتَّجْرِيدِ]

ِ قُلْت: أَيُجَرَّدُ الرَّجُلُ فِي الْحُدُودِ وَالنَّكَالِ حَتَّى يُكْشَفَ ظَهْرُهُ بِغَيْرِ ثَوْبٍ. فِي قَوْلِ مَالِكٍ؟

قَالَ: نَعَمْ، كَذَلِكَ قَالَ مَالِكٌ، وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَلَا تُجَرَّدُ. قُلْت: فَهَلْ تُضْرَبُ الْمَرْأَةُ وَعَلَيْهَا قَمِيصَانِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: الْمَرْأَةُ لَا تُجَرَّدُ، فَمَا كَانَ مِنْ ثِيَابِهَا مِمَّا اتَّخَذَتْ عَلَيْهَا مَا يَدْفَعُ الْحَدَّ عَنْهَا أَوْ يَكُونُ عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ مَا يَدْفَعُ الْحَدَّ، فَإِنَّ ذَلِكَ فِي قَوْلِ مَالِكٍ يُنْزَعُ وَمَا كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يُنْزَعُ. وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُتْرَكُ عَلَيْهَا مِنْ الثِّيَابِ إلَّا مَا يُوَارِيهَا.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَاذِفَ إذَا قَذَفَ نَاسًا شَتَّى فِي مَجَالِسَ شَتَّى فَضَرَبْتُهُ لِأَحَدِهِمْ ثُمَّ رَفَعَهُ أَحَدُهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: ذَلِكَ الضَّرْبُ لِكُلِّ قَذْفٍ كَانَ قَبْلَهُ، وَلَا يُضْرَبُ لِأَحَدٍ مِنْهُمْ إنْ قَامَ بَعْدَ ذَلِكَ جَمِيعًا كَانَ قَذْفُهُمْ أَوْ مُفْتَرِقِينَ فِي مَجَالِسَ شَتَّى.

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الْقَذْفَ، أَتَصْلُحُ فِيهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>