غَشِيَهُ الْعِيدُ قَبْلَ أَنْ يَفْرُغَ مِنْ أَيَّامِ اعْتِكَافِهِ فَإِنَّهُ يُفْطِرُ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَيَخْرُجُ إلَى الْعِيدِ مَعَ النَّاسِ وَلَا يَرْجِعُ إلَى بَيْتِهِ، وَلَكِنْ يَكُونُ فِي الْمَسْجِدِ ذَلِكَ الْيَوْمَ وَلَا يُعْتَدُّ بِهِ فِيمَا بَقِيَ عَلَيْهِ. وَسُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ الْمُعْتَكِفِ إذَا أَكَلَ نَاسِيًا نَهَارًا؟ فَقَالَ: يَقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ وَيَصِلُهُ بِاعْتِكَافِهِ، قِيلَ لَهُ: أَتَحْفَظُ هَذَا عَنْ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: قَدْ سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ وَلَا أَحْفَظُ كَيْفَ سَمِعْتُهُ مِنْ مَالِكٍ.
[الْمُعْتَكِفِ يَطَأُ امْرَأَتَهُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ]
فِي الْمُعْتَكِفِ يَطَأُ امْرَأَتَهُ فِي لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ جَامَعَ لَيْلًا أَوْ نَهَارًا فِي اعْتِكَافِهِ نَاسِيًا أَيَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ؟
قَالَ: نَعَمْ يُنْتَقَضُ وَيَبْتَدِئُ وَهُوَ مِثْلُ الظِّهَارِ إذَا وَطِئَ فِيهِ.
قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ دَخَلَ فِي اعْتِكَافِهِ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ أَوْ جُنَّ بَعْدَمَا اعْتَكَفَ أَيَّامًا؟ فَقَالَ: إذَا صَحَّ بَنَى عَلَى اعْتِكَافِهِ وَوَصَلَ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الَّتِي اعْتَكَفَهَا، فَإِنْ هُوَ لَمْ يَصِلْهَا اسْتَأْنَفَ وَلَمْ يَبْنِ.
قُلْتُ: أَتَحْفَظُهُ عَنْ مَالِكٍ؟ فَقَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُغْمَى عَلَيْهِ وَالْمَجْنُونِ: أَنَّهُ مَرَضٌ مِنْ الْأَمْرَاضِ وَهَذَا مِثْلُهُ.
[الْمُعْتَكِفِ يُقَبِّلُ أَوْ يُبَاشِرُ أَوْ يَلْمِسُ أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا أَوْ يَتْبَعُ جِنَازَةً]
فِي الْمُعْتَكِفِ يُقَبِّلُ أَوْ يُبَاشِرُ أَوْ يَلْمِسُ أَوْ يَعُودُ مَرِيضًا أَوْ يَتْبَعُ جِنَازَةً قُلْتُ لِابْنِ الْقَاسِمِ: أَرَأَيْتَ الْمُعْتَكِفَ إذَا قَبَّلَ أَوْ لَمَسَ أَيُفْسِدُ ذَلِكَ اعْتِكَافَهُ؟ فَقَالَ: نَعَمْ.
قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ؟
قَالَ: بَلَغَنِي عَنْهُ فِي الْقُبْلَةِ أَنَّهُ قَالَ: تَنْقُضُ اعْتِكَافَهُ.
قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَاللَّمْسُ عِنْدِي مِثْلُ الْقُبْلَةِ. وَحَدَّثَنِي سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ قَيْسٍ وَيَزِيدَ بْنِ عِيَاضٍ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ، أَنَّهُمَا سَمِعَا عَائِشَةَ تَقُولُ: السُّنَّةُ فِي الْمُعْتَكِفِ أَنْ لَا يَمَسَّ امْرَأَتَهُ وَلَا يُبَاشِرَهَا، وَلَا يَعُودَ مَرِيضًا وَلَا يَتْبَعَ جِنَازَةً وَلَا يَخْرُجَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ، وَلَا يَكُونُ اعْتِكَافٌ إلَّا فِي مَسْجِدِ جَمَاعَةٍ وَمَنْ اعْتَكَفَ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ، وَكَانَتْ عَائِشَةُ إذَا اعْتَكَفَتْ فَدَخَلَتْ بَيْتَهَا لِلْحَاجَةِ لَمْ تَسَلْ عَنْ الْمَرِيضِ إلَّا وَهِيَ مَارَّةٌ، قَالَتْ عَائِشَةُ: «وَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - لَمْ يَكُنْ يَدْخُلُ الْبَيْتَ إلَّا لِحَاجَةِ الْإِنْسَانِ» مِنْ حَدِيثِ اللَّيْثِ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عُرْوَةَ وَعَمْرَةَ وَعَنْ عَائِشَةَ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ عَنْ ابْنِ شِهَابٍ أَنَّهُ قَالَ: إنْ أَصَابَ الْمُعْتَكِفُ أَهْلَهُ فَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَقْبِلَهُ وَعَلَيْهِ أَنْ يُجْلَدَ بِعُقُوبَةٍ، قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: وَإِنْ أَحْدَثَ ذَنْبًا مِمَّا نُهِيَ عَنْهُ فِي اعْتِكَافِهِ، فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ عَنْهُ اعْتِكَافَهُ حَتَّى يَسْتَقْبِلَهُ مِنْ أَوَّلِهِ، وَعَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ مِثْلُهُ إلَّا الْعُقُوبَةَ.
قَالَ سَحْنُونٌ عَنْ ابْنِ وَهْبٍ عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: إذَا أَفْطَرَ الْمُعْتَكِفُ أَعَادَ اعْتِكَافَهُ يَعْنِي